لوطن: متابعة
قدم عبد اللطيف وهبي، النائب البرلماني لحزب الأصالة والمعاصرة والأمين العام للحزب، مداخلة وصفها متتبعون بـ”القوية” أمام رئيس الحكومة المغربية سعد الدين العثماني، خلال الجلسة العمومية للأسئلة الشفهية الموجهة للرئيس، والتي انعقدت اليوم الأربعاء بمجلس النواب، حيث عدد في مداخلته “العيوب” التي صاحبت قرارات الحكومة خلال أزمة فيروس كورونا التي يعرفها المغرب.
وبدأ وهبي بآخر هذه “العيوب” التي ظهرت أمس الثلاثاء وخلقت ارتباكا كبيرا لدى المواطنين المغاربة، ويتعلق الأمر بتسريب بلاغ يشير إلى تمديد حالة الطوارئ الصحية في البلاد لمدة شهرين، قبل أن تصدر الحكومة بلاغا رسميا حددت فيه مدة تمديد حالة الطوارئ إلى شهر واحد.
وقال وهبي، بأن الحكومة أتعبت المواطنين بكثرة التسريبات وما تخلقه من تضارب للأنباء والمعلومات، معتبرا أن هذا الأمر هو دليل على ارتباك وعجز الحكومة في التواصل مع المواطنين الذين يتساءلون عن دور الحكومة في هذا الأمر.
وانتقل وهبي للحديث عن عيب آخر رافق قرار رفع الحجر الصحي في المغرب، بالإشارة إلى إهمال الحكومة للأطفال في المنطقة 2 الذين يدفعون ثمن الحجر الصحي “من حيث لا يدرون”، دون أن تهتم الحكومة بهم وإعطائهم ظروفا للتخفيف والتنفس.
وأضاف في سياق أخر، بأن الحكومة أعطت صلاحيات واسعة لوزارء “مُعينين” والولاة والعمال وتنازلت عن دورها وصفتها ومهامها الدستورية كمؤسسة تنسق وتفاوض السلطات، وأشار إلى تهميش دور المؤسسات المنتخبة، الأمر الذي اعتبره وهبي فشلا للمقاربة التشاركية للحكومة.
وأضاف وهبي في مداخلته، أن رغبة المغاربة في رفع الحجر الصحي، هو رغبة في رفع الحجر الاقتصادي والاجتماعي الذي يعانون منه، فملايين المغاربة الذين كانوا يعيشون بالأمس على عتبة الفقر، أصبحوا اليوم فقراء، ومن كان مهددا بالبطالة من الشباب أصبحوا حاليا عاطلين عن العمل، ولا أمل في الأفق، حسب وهبي، مشيرا إلى أن هذا يُظهر هشاشة الاختيارات السياسية للحكومة التي تصدر قرارات دون تبريرها، الشيء الذي يجعل هذه القرارات تتحول إلى عقوبات على المواطنين المغاربة.
وعرّج وهبي إلى الدعم المقدم للمواطنين عبر “صندوق كورونا” الذي اعتبره فكرة نبيلة، لكن تنفيذها كان سيئا بإخراج فاشل من طرف الحكومة، فتم حرمان العديد من المواطنين المغاربة من الدعم “ظلما وعدونا” وفق تعبير الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة.
واعتبر وهبي أن تصرف البنوك في جائحة كورونا في المغرب، سيظل نقطة سوداء في تاريخ أزمة المغاربة، بعدما ظلت تتمسك بالاشتراطات العسيرة رغم الضمانات المقدمة لها من طرف الدولة وجهات أخرى، فتحولت البنوك إلى عبء إضافي في هذه الأزمة، منتقدا فشل الحكومة ومؤسسة بنك المغرب في إخضاع البنوك للأمر الواقع لما فيه مصلحة للجميع.
وتطرق وهبي إلى الوضعية الصعبة التي يعيشها الفلاح المغربي، خاصة “الكسابة” أو بائعو الماشية جراء الغموض القائم بسبب صمت الحكومة حول القرار الخاص بعيد الأضحى المبارك، خاصة في ظل تضارب الأنباء حول ما إذا كان سيتم إحياء هذه الشعيرة الدينية أم لا، وهو ما دفع بوهبي لمطالبة الحكومة بتوضيح الرؤية، وفتح حوار مع متضررين في قطاعات أخرى مثل أرباب المقاهي والمطاعم والنقل.
وتوجه وهبي بخطابه إلى رئيس الحكومة، حيث طالبه بممارسة اختصاصاته التي يكفلها الدستور، و”ليس التخلي عنها بالتقسيط لبعض الوزارء أو أن نصبح أمام حكومة غير منصتة وإعلام عمومي يثير التقزز وأصوات نشاز تنادي بتغييركم بحكومة تقنوقراطية، وكأن الحل السحري بات فقط في يد التقنوقراط أصحاب الأرقام، لا المؤسسات الحزبية والسياسية ولا أصحاب الشعور الوطني والجرأة السياسية والقدرة على اتخاذ القرار”.
وأكد وهبي بأن حزب الأصالة والمعاصرة ألغى التعاقد السابق للدعم السياسي للحكومة، وسحب أي دعم لخطواتها المقبلة، لكونها، حسب وهبي، خطوات فاشلة إزاء القرارات الاجتماعية والاقتصادية، وتأثيراتها على المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تعبت من القرارات الخاطئة للحكومة.
ودعا وهبي الحكومة إلى فتح حوار شفاف وواضح مع الأحزاب السياسية وليس الانصات والادعاء بعدم توفر المعطيات وتأجيل الأجوبة، داعيا في الوقت ذاته بضرورة قيام المعارضة بدورها الرقابي من خلال السعي لإحداث لجنة استطلاعية لترتيب المسؤوليات عن الفشل والاخلالات التي تم التعامل بها مع المواطنين العالقين في الخارج وكأنهم مواطنين من “الدرجة العاشرة” حسب تعبير وهبي، معتبرا ذلك إهانة وطنية ترتب مسؤولية سياسية لا يمكن السكوت عنها.
كما دعا المتحدث ذاته إلى تكوين لجنة استطلاعية ثانية لمراقبة كل الصفقات التي تمت في مجال الصحة وغيرها من القطاعات العمومية، حفاظا على أموال دافعي الضرائب والوقوف على ما شاب تلك الصفقات من ادعاءات، من أجل التأكد من صحتها، مضيفا “وفي حالة ثبوت إخلالات سندعو الجهات المعنية لإحالتها على الجهات المختصة”.
ودعا وهبي أيضا لمساعدة المغاربة الغارقين في الديون من خلال ضرورة تأخير سداد الديون بدون فوائد إلى ما بعد الانتهاء من الاثار الاقتصادية لهذا الوباء، ودعم المقاولات الصغرى والمتوسطة ماليا للخروج من أزمتها ، إضافة إلى دعم جميع أصحاب المشاريع الاقتصادية الذاتية كمشاريع أصحاب النقل الخصوصي وأرباب المقاهي والمطاعم والحرف والمهن وغيرها، ودعم القطاع السياحي للحفاظ على مقوماته وبث الروح فيه كمصدر مهم للعملة الصعبة وتشعيل اليد العاملة.
وختم وهبي مداخلته قائلا “إن الحكومة التي جازفت بالمصداقة على قانون 20.22، أي الحجز الفكري للمغاربة، نشك في قدرتها على رفع الحجر الصحي”.
من جهته ركز سعد الدين العثماني في إجاباته، على الجوانب الإيجابية لقرارات الحكومة في تدبير أزمة فيروس كورونا، واعتبر بأن المغرب نجح في تجاوز ما كان يمكن أن يكون أسوأ، وأشار بأن نجاح المغرب في أزمة الوباء يشهد بها العالم.
وفي رده على التسريبات، قال العثماني بأن على الجميع انتظار البلاغات الرسمية وليس التي يتم تسريبها، وبالتالي يجب أن تكون المحاسبة على البلاغات الرسمية أو التي تصدر عن الناطق الرسمي وليس التي تُسرب إلى المواطنين.
واعتبر العثماني أن الأزمة تم تجاوزها بنجاح، ولم يكن هناك تأخر في رفع الحجر، مشيرا إلى أن المغرب سيخطو خطوات مهمة في الأيام المقبلة في التخفيف، وسيتجاوز الدول التي سبق أن رفعت الحجر الصحي قبل المغرب، نظرا لتحسن الوضعية الوبائية داخل المملكة.
وبخصوص المقاولات التي تعيش ظروفا صعبة جراء الوباء، اعتبر العثماني أن توقفها ليس سببه “رغبته في توقفها”، وإنما التوقف ناتج عن الخوف من تفشي الوباء، وبالتالي فإن صحة المواطن هي الأهم، مع الإشارة إلى العودة التدريجية لجميع الأنشطة في القريب.
وبرر العثماني التأخر في إعادة المواطنين المغاربة، إلى وجود عراقيل تأخذ أحيانا أوقات طويلة، مشيرا إلى أن السلطات ستعمل على إعادة المغاربة الآن من إسبانيا، وقد وصلت أولى الطائرات إلى تطوان اليوم، فبعد إجلاء المغاربة من الجزائر، سيكون هذا الأسبوع مخصصا للمغاربة العالقين في إسبانيا، ثم الانتقال إلى بلدان أخرى.
وبخصوص وضعية “الكسابة” وهل سيتم إحياء عيد الأضحى المبارك، أكد العثماني أنه لا يوجد أي قرار لإلغاء عيد الأضحى إلى حدود الآن، مشيرا في ذات السياق، بأن قرار إلغاء هذه الشعيرة يبقى في يد أمير المؤمنين الملك محمد السادس، وليس من اختصاصه.