بقلم : حفيظة أوسكور
في السنوات القليلة الماضية سطع نجم العمل الجمعوي حتى اعتبر بديلا عن العمل السياسي، ولن يكون كذلك لوجود الفرق في الأهداف والمرامي ولا مقارنة مع وجود الفارق.
لقد استغل العمل الجمعوي التطوعي النبيل لأهداف أخرى نفعية مادية ومعنوية، منها الارتزاق وهو ظاهرة مشينة ومسيئة ومخالفة للقوانين والشرائع والأعراف.
إن المتتبع للعمل الجمعوي يلاحظ أن أغلب الجمعيات تفتقر لرؤية واضحة المعالم، وهذا يفسر سيادة العفوية والارتجالية والعشوائية في العمل في غياب التكوين والممارسة الاحترافية والشفافية، ما يكرس عدة سلبيات منها الاكتفاء بالجاهز والتقوقع في حلقة مفرغة، حلقة التكرار دون تفعيل آليات الابداع والابتكار والعمل المنظم.
ان للعمل الجمعوي دورا طلائعيا يروم ترقية المواطن وتأهيله، ومن مقوماته: الطوعية والتنظيم والاستقلالية وخدمة الصالح العام وعدم السعي للوصول الى السلطة وعدم اللجوء الى العنف، ومن مزاياه: ترسيخ الثقافة الديمقراطية وتوسيع قاعدة المهتمين بالمصلحة العامة وفي الختام امتصاص الاحتقان الاجتماعي وتلبية الاحتياجات المتعددة والمتنوعة للأفراد من خلال الانخراط في الأنشطة الجمعوية التي تتلاءم مع تخصصاتهم وميولاتهم وتطلاعاتهم. فأين نحن من كل هذا؟
حتى يقوم العمل الجمعوي بدوره كاملا يجب أن يكون محصنا من الدخلاء ومستقلا وأن يكون مبدئيا بعيدا عن ممارسات التحريف والشبهات والاستغلال الفاضح.
هناك العديد من المتطفلين على العمل الجمعوي الذين لا يفرقون بين الألف والزرواطة، ورغم ذلك، تجدهم يحشرون أنفسهم في كل شيء ويزعمون المعرفة ويقولون ما لا يفعلون، ورغم ذلك يجدون من يدعمهم ويحتضنهم ويدافع عنهم، وعلى المرء أن يتساءل في مصلحة من يرجى ذلك؟ ولماذا هذا الاستهتار بالعمل الجمعوي؟
من الغرائب في هذا الميدان، يلاحظ المتتبع وبالعين المجردة أثناء الجموع العامة للجمعيات تبرز ظاهرة الإنزال للسيطرة على الجمعيات بمنطق الديمقراطية، باسم الديمقراطية نغتالها وباسمها نقضي على القيم والأخلاق وتحت مسمياتها تسقط فلسفة التطوع والتماسك الاجتماعي، والهدف واضح بين: الارتزاق والانتقام..
أمام هذا النزيف الممنهج، ألم يحن الوقت لوضع حد لظاهرة للارتزاق والابتزاز؟، بالعمل على مراقبة مالية الجمعيات من التفتيشيات المتخصصة التابعة للدولة والمنظمات والمؤسسات المانحة للنهوض بثقافة المحاسبة حتى لا يتم الافلات من العقاب وتكرار التلاعب بالمال العمومي،،،، الحساب ثم الحساب هناك من اصبح مليونيرا بدون متابعة وﻻ محاسبة!
نحن في حاجة الى مجتمع مدني متطور ومسؤول فاعل ومنظم بشكل قوة اقتراحية موازية للدولة ولا يتعارض معها يكملها وينشد التأطير والتوعية والتحسيس ويبتعد عن الارتزاق والخنوع!