الإغتصاب والتحرش الجنسي هو الثمن الذي تؤديه الفلاحات المغربيات، العاملات في حقول توت الأرض بإقليم الأندلس. إنها الخلاصة التي خرجت بها منظمة روابط نسائية حول العالم Women’s Link Worldwide، ونشرت خلاصته إحدى أكبر الصحف العالمية، والتي أضافت أن الإستغلال وتجاهل الشكايات هو مصير معاناة المغربيات.
يتم جلب الآلاف من المواطنات المغربيات بشروط صارمة، من بينها أن يكُن متزوجات ولديهن أطفال، وكذا تجربة في جمع الفراولة، لكن وبمجرد ما يصلن إلى إسبانيا، يجدن عالما أكثر وحشية وإنتهازية. تقول إحدى العاملات التي فضلت عدم ذكر إسمها أو كشف وجهها، خوفا من المجهول، “إن شروط العمل قاسية جدا.”
وذكرت صحيفة الغارديان البريطانية، أن المغرب إعتاد على إرسال حوالي 18 ألف إمرأة، من العاملات المتخصصات في جني الفراولة بحقول إسبانيا،رغم أن هذه السنة لم يصل للجارة الإيبيرية، سوى 7 آلاف سيدة، بسبب جائحة كورونا، الأمر الذي أدى بالمُشغلين، إلى وضع الفلاحات المغربيات الفقيرات، بسبب نقص اليد العاملة، تحت ضغط أكبر، لإخراج كميات كبيرة من الثمار.
وقالت “أنّا بينطو” عضوة بمنظمة “نساء مقاومات في ويلبا”، في تصريحات نقلتها عنها أيضا هيأة الإذاعة البريطانية BBC، إن جائحة كورونا ساهمت في زيادة إنتهاك حقوق العاملات في الحقول الإسبانية بحجة “نقص اليد العاملة”، إذ كان يتم فرض جلب كميات كبيرة من التوت، والعمل لساعات طويلة دون أن يحصلن لا على الكمامات، أو القفازات للعمل بآمان، فيما يتم تجاهل معايير السلامة والتباعد البدني.
من جانبها تقول “أنّا ويلسون” محامية تدافع عن حقوق العاملات المغربيات في مكتبها بمدريد، إن النسوة يعملن دائمًا أقل من مسافة الأمان وهي 1.5 متر عن بعضهن البعض. وأضافت “ليس لديهن جميعًا أدوات الحماية أو النظافة، وينقصهن السكن الصحي اللائق، ولا يستطعن غسل أيديهن، وليس لديهن إمكانية الوصول للمياه الجارية الصالحة للشرب.” تُؤكد عاملة أخرى هذا الخبر، في شهادة أدلت بها لتحالف يضم جمعيات حقوقية إسبانية، والتي قررت الدفاع عن هؤلاء النسوة الفقيرات، القادم معظمهن من مناطق مهمشة بالمغرب. تقول هذه العاملة ” نحن مصدومات من الواقع المزري لعالم جني توت الأرض في “ويلبا” بإقليم الأندلس”. وجاء على لسانها كذلك “يُفرض علينا جلب 30 صندوق من الفراولة للمرأة الواحدة”.
وفي كل مرة يجلبن هذا العدد، يُفرض عليهن جلب 40 صندوق في المرة القادمة، وهكذا دواليك. الكثير من النساء يسقُطن مريضات بسبب الإجهاد والعمل المضني لساعات طويلة تحت أشعة الشمس، وكذا الحرارة المفرطة في البيوت البلاستيكية. تقول إحداهن” نمرض ولا أحد يهتم بنا، ويهددوننا بإرجاعنا للمغرب، دون أن نحصل على مستحقاتنا المالية” وكشفت عاملة أخرى، إن بعض أصحاب الضيعات الإسبان ومعاونيهم المغاربة، يأتون لغرف العاملات ويقتحمونها دون إستئذان، ويتحرشن بهن، ويُرغمهن على ممارسة الجنس، مقابل السماح لهن بالعمل، وفي حالة رفضهن يتم تهديدهن بإرجاعهن للمغرب. تقول إحداهن ” جاء إسباني لغُرفنا، ولأننا لا نفهم الإسبانية ، إكتفى فقط بالقول ” العمل…ويشير بيديه إلى السرير”.
مُعظم منتوج الفراولة بإقليم “ويلبا” الإسباني يُصدّر للأسواق البريطانية والأوروبية، ما دفع تحالف الجمعيات الدولية للتدخل، بعد أن أصبح مذاق الفراولة مُرّا، لكونه مغموس في عرق جبين الفلاحات الفقيرات، وفي السائل المنوي لرجال مُستغلين، بينما يقول “فيليب ألستون” من تحالف الجمعيات، إنهم ينتظرون زوال جائحة كورونا، لإثارة هذه القضية بشكل كبير، وتبني العشرات من المغربيات اللواتي قدّمن شكايات، وينتظرن من يُنصفهن وإرجاع الكرامة لهن، ولبلدهن.
تقول منظمات دولية من بينها “روابط نسائية حول العالم ” و” نساء مقاومات في ويلبا”، بعد أن زاروا الحقول والضيعات، وإستطاعوا جمع مئات الأدلة والشهادات، إن على السلطات المغربية والإسبانية على حد سواء، التدخل لتحسين ظروف العمل، وحماية حقوق القوى العاملة التي تجلب لها مئات الملايين من العُملة الصعبة، تصل قيمتها في حقول “ويلبا” لوحدها، 994 مليون يورو،أي حوالي 994 مليار سنتيم”، فيما العاملات المغربيات، يعشن الفقر والحرمان والتحرش الجنسي.