في الوقت الذي تزيد فيه جارة السوء ابتعادا عن محيطها الإقليمي، وتضع كل العراقيل الممكنة واللا ممكنة، من أجل الوصول إلى نقطة اللا عودة أو اللا رجعة في العلاقات مع المملكة المغربية، أبت دولة إسرائيل، التي أعادت المملكة المغربية علاقاتها معها بفضل الرؤية الحكيمة لصاحب الجلالة، إلا التقرب أكثر من المملكة، وتقوية سبل التعاون معها في مختلف المجالات، واليوم، يُتوج هذا التعاون، بالإعلان الرسمي لاعتراف إسرائيل بكامل سيادة المغرب على صحرائه، على غرار ما فعلته أمريكا، والذي شكل مفاجأة مدوية للعالم بأسره.
إسرائيل اليوم تحدو حدو الولايات المتحدة الأمريكية، وتعلن رسميا بأن الصحراء مغربية، ولا عزاء للحاقدين من جيران السوء، الذين يريدون تقسيم المغرب، وضرب وحدته الترابية، التي أجمع مؤرخو العالم، منذ القدم، على أن الصحراء كانت مغربية، ولذلك، ستظل مغربية، إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، كما قال الراحل الحسن الثاني.
اليوم الاثنين، سيدخل التاريخ، وسيدون بمداد من ذهب، بعد البلاغ الصادر عن الديوان الملكي، قبل قليل.
فقد أكد البلاغ أن صاحب الجلالة “توصل برسالة من الوزير الأول لدولة إسرائيل فخامة السيد بنيامين نتنياهو. ومن خلال هذه الرسالة، رفع الوزير الأول الإسرائيلي إلى العلم السامي لصاحب الجلالة -نصره الله- قرار دولة إسرائيل “الاعتراف بسيادة المغرب على أراضي الصحراء الغربية”. وفي هذا الصدد، أكد الوزير الأول الإسرائيلي أن موقف بلاده هذا سيتجسد في كافة أعمال ووثائق الحكومة الإسرائيلية ذات الصلة”. وشدد، أيضا، على أنه سيتم “إخبار الأمم المتحدة، والمنظمات الإقليمية والدولية التي تعتبر إسرائيل عضوا فيها، وكذا جميع البلدان التي تربطها بإسرائيل علاقات دبلوماسية” بهذا القرار. وفي رسالته إلى جلالة الملك أفاد الوزير الأول الإسرائيلي بأن إسرائيل تدرس، إيجابيا، “فتح قنصلية لها بمدينة الداخلة”، وذلك في إطار تكريس قرار الدولة هذا”.
هذا وقد اعتبرت الزيارة التي قام بها جاريد كوشنر مبعوث الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى الشرق الأوسط، مؤسسة لما أعقبها من توقيع المغرب لاتفاق ثلاثي في إطار اتفاقات ابراهام لاستنئاف إسرائيل لعلاقاتها مع عدد من الدول العربية، بعد قطيعة طويلة بين الدولة العبرية والمغرب على خلفية تأسيس دولة إسرائيل وتورطها في عدد من الحروب التي استهدفت عدة بلدان عربية.
زيارة كوشنير للمغرب واستقباله من طرف الملك محمد السادس، أسست لعودة العلاقات الثنائية بين المغرب وإسرئيل بعد قطعها سنة 2002 على خلفية التراجع على تنفيذ اتفاق غزة أريحا، كما أسست هذه الزيارة، للآفاق الاستراتيجية لاستئناف العلاقات والتي تتجاوز مجرد تبادل التمثيل الدبلوماسي، إلى تعاون شامل وتأسيسا في المجالات التي تشكل عناصر قوة البلدين.
وإلى جانب اعترافها بمغربية الصحراء، يتطلع المغرب الى الاستفادة من التفوق العلمي في المجال العسكري لإسرائيل، مع الاستفادة في مجالات علمية وصناعية أخرى، تملك فيها إسرائيل قصب السبق، وهو ما سيعود على المغرب بالنفع لاعتبارات تتصل بمعادلة رابح رابح التي شكلت أساس عودة علاقات البلدين.
هندسة الوضع الحالي للعلاقة بين المغرب وإسرائيل، التي شملت استئناف العلاقات الثنئاية والتعاون العسكري والأمني والاستخباراتي وما شمله من تبادل منافع اقتصادية، ترتبط بمحطة الزيارة الهامة التي قام بها كوشنير قبل سنوات للمغرب وقد حان وقت قطاف ثمارها اليوم.