ياسين الحسناوي
تتردد الأصداء الكارثية لمشاركة الرياضيين المغاربة في أولمبياد باريس 2024، حيث اتضح بما لا يدع مجالاً للشك أن المنظومة الرياضية في المغرب تعاني من خللٍ جوهريٍ وعميق.
وعندما نقول “كارثية”، فنحن لا نبالغ؛ إذ إن النتائج التي حققها رياضيو المغرب في هذه الدورة الأولمبية تكشف بجلاء عن إخفاقات هيكلية وتدبيرية تستدعي الوقوف عندها بجدية، بل وبصرامة.
ومن المؤسف أن نرى هذه الإخفاقات تتكرر دورة بعد أخرى دون أن يتحمل أحد المسؤولية، والتدبير العشوائي وسوء التخطيط أصبحا سمتين بارزتين للمشهد الرياضي المغربي، ورؤساء الجامعات الملكية للرياضات المختلفة (باستثناء كرة القدم) يتحملون نصيب الأسد من هذه الإخفاقات، وهم الذين كان من المفترض أن يكونوا قادة لتطوير الرياضة ودفعها نحو الأفضل.
إلا أن الواقع يُثبت عكس ذلك تماماً، إذ يبدو أن جل هؤلاء المسؤولين منشغلون بمصالحهم الشخصية ومكاسبهم الفردية على حساب تطور الرياضة الوطنية، وفي ظل هذا الوضع المتردي، قد يكون من الأجدر بالفعل أن يتم الزج برؤساء الجامعات الرياضية في السجون وفتح تحقيقات شاملة معهم.
إذ كيف يُعقل أن يتم صرف الملايين من الدراهم على إعداد الرياضيين، والنتيجة في النهاية تكون صادمة بهذا الشكل؟ يجب أن يُجبر هؤلاء المسؤولون على إرجاع كل درهم تم صرفه بطريقة لم تحقق النتائج المرجوة، فالأموال التي تصرف على الرياضة يجب أن تُعتبر أمانة وطنية، ولا ينبغي التساهل مع من يهدرها أو يستغلها لأغراض شخصية.
وعند الحديث عن المقارنة، نجد أن الأمر يزداد إحباطاً، إذ إن بلدان اخرى تقل عنا في الإمكانيات والموارد بكثير، تمكنت من تحقيق نتائج أفضل بكثير، ورفع رياضيوها راية بلدانهم في سماء الاولمبياد، هذا الفارق في النتائج يطرح تساؤلات عميقة حول كفاءة وإخلاص المسؤولين المغاربة في إدارة الشأن الرياضي. هل هو غياب الرؤية والتخطيط؟ أم أن هناك مشاكل أكثر تعقيداً تتعلق بالفساد وسوء الإدارة؟
المسؤولية لا تتوقف عند رؤساء الجامعات فحسب، بل تشمل أيضاً الوزارة المكلفة بالرياضة، التي يبدو أنها تكتفي بدور المراقب الصامت أمام هذا الانهيار، وهو ما لا يمكن السكوت عنه، ويجب أن تكون هناك محاسبة حقيقية لكل من تسبب في هذه الكارثة.
يجب أن ندرك أن الرياضة ليست مجرد وسيلة لتحقيق المجد الفردي أو الوطني، بل هي أيضاً رافعة للتنمية الاجتماعية والاقتصادية.
وإذا أردنا فعلاً أن نرى المغرب يتألق في الساحة الرياضية العالمية، يجب أن نبدأ بتنظيف البيت الداخلي ووضع أسس جديدة لتطوير الرياضة، أساسها الشفافية، المحاسبة، والالتزام بخدمة الصالح العام، وإلا فإننا سنستمر في مشاهدة نفس السيناريو المحبط دورة بعد أخرى، دون أي بريق أمل في الأفق.