تابعت باستغراب شديد، كمغربي ولد وترعرع في ألمانيا، ويحمل الجنسية الألمانية، وعضو نشيط في حزب المجتمع الديمقراطي المسيحي، ومستشار عمدة مدينة إسن بجهة نوردراين فيستفالن في شؤون المسلمين والمساجد، من تصريح غير منصف صادر عن السيدة البرلمانية كاتيا كيبينغ، زعيمة حزب اليسار الألماني، الذي أساءت فيه إلى بلدي الأصلي الـمغرب، أرض الحضارة والثقافة والتسامح والتعايش السلمي مع مختلف الثقافات الإنسانية.
إن ما سطرته السيدة البرلمانية على صفحتها بـ”فيسبوك”، في مطلع الشهر الجاري (10 ماي 2020) من شأنه أن يُسَمِّمَ الأجواء بين بلدين صديقين، ويجرح نفوس آلاف الـمغاربة المقيمين في ألمانيا، منذ أكثر من نصف قرن، الذين ساهموا ولا يزالون يساهمون بكل جدية وإخلاص وتفان في تقدُّم وتطور ألمانيا في مختلف المجالات.
إن ما كتبته السيدة البرلمانية المحترمة، فضلا عن زيفه ومجانبته للواقع والحقيقة، فإنه يعطي صورة غير مشرفة عن بلدنا ألمانيا، إزاء دولة شقيقة وصديقة وعريقة كالـمغرب، الذي أعتز بالانتماء إليه روحا وجسداً.
أقول للسيدة البرلمانية المحترمة، من موقعي كعضو بحزب سياسي ألماني: إن السياسة فن وتقاليد وأخلاق، لكن للأسف الشديد فإن حزبك بأفكاره المتطرفة، ونظرته العنصرية، ليس لديه إحساس ومسؤولية بفن التعامل في مجال السياسة الخارجية، حيث تتحدثين بوجه مكشوف، وبكل رعونة عن الخروج من الناتو.
كما أنك تتعاطفين مع الجماعات الإرهابية، مثل حزب العمال الكردستاني، وبالتالي فإنك تحاولين أن تدلي بدلوك في عدم وجود الاستقرار في البلدان الأجنبية، بما في ذلك بعض الدول الحليفة لنا، وهو توجه غير سليم، وغير منطقي إطلاقا.
إن صنيعك هذا يجهز على تقليد عمره عشرات السنين في تنمية العلاقات الخارجية مع بلدان صديقة وشقيقة لها تاريخ ومجد وحضارة عريقة كالـمغرب.
ومن أجل تنويرك أكثر -السيدة البرلمانية المحترمة- أود أن أطلعك على بعض المعطيات، آملا أن تراجعي مواقفك الـمتطرفة:
أولا: خلال سنة 2018 كان مؤشر الإرهاب في المغرب 1,22، في حين أن مؤشر الإرهاب في دولة اليونان التي كانت تقودها حكومة يسارية بلغ في ذلك الوقت 4,17.
ثانيا: أنك تمانعين وبدون سبب موضوعي اقتراح الحكومة الاتحادية تصنيف الـمغرب كدولة ثالثة آمنة خارج أوروبا، في الوقت الذي قررت فيه عدة دول أوروبية منصفة تصنيفَ الـمغرب كبلد منشأ آمن.
وبامتناعك هذا، فإنك تسلكين اتجاها منفرداً غير سوي، وغير متوافق مع الحلفاء الأوروبيين والسياسة المتبعة في أوروبا برمتها.
ثالثا: لا داعي لتذكرك بأن الـمغرب كبلد عريق حليف استراتيجي للمجموعة الأوروبية، يساهم باستمرار، وبشكل فعال في تحقيق الاستقرار بهذه المنطقة، مثلما يجب تنبيهك إلى أن مطالبك هاته من شأنها أن تزرع الانقسامات بين الحلفاء والأصدقاء، في وقت يجب أن يكون فيه التماسك أكثرَ أهمية من أي وقت مضى.
رابعا: إن تصريحاتك ومطالبك، وكما كان هو الشأن في الماضي، تشكل عقبة أمام نجاح السياسة الخارجية الألمانية والأوروبية.
خامسا: أرجو منك السيدة البرلمانية، وبكل احترام وتقدير، الكفَّ عن الإساءة إلى البلدان ذات المجد التليد، والتاريخ العريق، كالمغرب، وسحب ما كتبتيه على صفحتك بـ”فيسبوك”، لأنه يسيء إلى مسارك السياسي، كما يسيء إلى حزب اليسار الألماني الذي تترأسينه.
*هشام الفونتي فاعل سياسي بألمانيا