العبوضي : محاربة التهريب بجهة الشرق بصفة عامة مهمة صعبة جدا

6 مايو، 2019 - 14:55 جريدة الشعب تابعونا على Lwatan

في إطار ملف عدد الجريدة الخاص ب ” حرب الديوانة على التهريب ” الشعب و ANMON .MA أجرت حوارا مع الأستاد صلاح العبوضي الناشط السياسي والجمعوي وعضو مجلس جهة الشرق .

من خلال تصريحه للجريدة ، أبدى العبوضي ترحيبه بالقرار المغربي القاضي بإغلاق الجمارك البرية مع المدينة المحتلة،مع السماح بالتخليص الجمركي فقط عبر ميناء بني أنصار بمبرر دعم الأخير ، وخلق رواج تجاري وإقتصادي يروم التخفيق من حجم البطالة خصوصا في أوساط ممتهني التهريب المعيشي، الذي يرى العبوضي ضمن حواره الخاص بجريدة ” الشعب ” على أنه ليس من السهل القضاء عليه ، مشيرا إلى جملة من الشروط لتحقيق  ما أفاد به المدير العام للجمارك والضرائب الغير مباشرة، والذي أكد على قدرة إدارته في القضاء نهائيا على التهريب المعيشي بصفة نهائية داخل أجل أقصاه عشر سنوات.

وفيما يلي نص الحوار الذي أجراه رشيد أحساين :

قرر المغرب إغلاق الجمارك البرية مع مدينة مليلية المحتلة مع السماح بالتخليص الجمركي فقط عبر ميناء بني انصار، وهو القرار الذي أثار ضجة في الاوساط المحلية الإسبانية . كفاعل سياسي كيف استقبلتم القرار ؟ وما هو تعليقكم على ردة الافعال الاسبانية ؟.

كفاعل سياسي ومنتخب ، وبعيدا عن أي مزايدات وتغليبا للعقل على العاطفة، أحيي قرار الدولة المغربية ، وأصطف إلى جانبه ، باعتباره قرار جريئ ، أكد على أن الدولة المغربية تمارس سيادتها ومن خلالها تتخذ قراراتها التي تراها مناسبة وفق الظرفية الملائمة ، وهو ما أثارحفيظة وإستنكار ساسة المدينة المحتلة ومنتخبيها وبعض المسؤولين بمدريد في محاولة للضغط على الحكومة المركزية لدفع نظيرتها المغربية لمراجعة القرار، وخلق أزمة فيما بين البلدين الجارين ، مع العمل على جس نبض الآلاف من ممتهني التهريب المعيشي ، أو التجارة الغير منطمة إن صح التعبير.

الخلفي أكد في معرض رده على أن القرار يهدف إلى إنعاش ميناء الناظور، كيق ذالك حسب وجهة نظركم ؟.

يعتبر ميناء بني انصار أحد المشاريع الاستراتيجية في جهة الشرق والريف،لكن منذ نشأته لم يتم استغلاله بالشكل الايجابي، حيث تم الاقتصار على رحلات  قليلة جدا لنقل المسافرين من وإلى اوروبا، وبعض البواخر المخصصة للصيد ،وأنشطة أخرى بسيطة جدا تتعلق باستقبال بعض المواد الموجهة لقطاع الفلاحة والبناء. في المقابل وعلى مقربة منه يتواجد ميناء مليلية الذي يتميز بتنوع الأنشطة وخاصة منها نقل الحاويات التي كانت تساهم في التبادل التجاري بين البلدين، إلا أن هذه الحركية التجارية كانت تتم بوسائل فيها الكثير من التحايل على القانون،جزء بسيط منه يتم تعشيره عبر جمارك بوابة مليلية والجزء الأكبر يدخل المغرب عبر التهريب.الذي كان يستقطب عددا هاما  من تاني هذا النوع من التجارة.

وعليه جاء القرار المغربي ، ليعيد الأمور إلى نصابها من خلال إغلاق مكتب الجمارك البرية مع مليلية ، والسماح فقط  بالتخليص الجمركي عبر ميناء بني انصار.

 

مجلس جهة الشرق الذي تعدون أحد أعضائه،كان حاضرا من خلال العديد من المحطات ، المتعلقة ب ” إنعاش ميناء الناظور “، فما هي الدواعي ، خصوصا وأن إتهامات وجهت لرئيس الجهة بركوبه على الأحداث ؟ .

إنخراط مجلس الجهة كان حضوره إلى جانب عدد من ممثلي المؤسسات الرسمية وغيرها سواء قبل رسو أول باخرة لنقل الحاويات لميناء الناظور ، أو بعدها، وذالك من منطلق الاختصاصات الذاتية التي يخولها له القانون التنظيمي المؤطر لمجالس الجهات، وكذلك للمساهمة في التنشيط الاقتصادي للمنطقة وخلق اكبر عدد من مناصب الشغل ومحاربة الاقتصاد غير المهيكل، إضافة إلى التقليل من بعض العراقيل الإدارية التي كانت تسود العمليات الجمركية، سواء من خلال تقديم المقترحات خلال اللقاءات السابقة أو حتى اللاحقة أو من خلال عقد شراكات تصب في الإكار المشار له سلفا.

وما يتعلق بالاستغلال السياسي للموضوع فاظن أن ممارسة السياسة تضمنه كل المواثيق الدولية كما أن مجلس الجهة مؤسسة منتخبة، يتم محاسبتها في المحطات الانتخابية عبر تتبع المشاريع والخدمات التي تم إنجازها.

وحيث أن الورش المطالب بالعمل على إنجاحه، لا يزال في بداياته وحديث العهد ، بالرغم من المؤشرات الأولية التي تفيد أنه يسير في الإتجاه الصحيح ، ومن أجل تحصينه إلى جانب المكتسبات التي جاء بها ، فإني أؤكد للجميع على أن مجلس الجهة سيظل حاضرا بأكثر قوة خلال المرحلة المقبلة أحب من أحب وكره من كره ، خدمة للصالح العام ، ومتطلبات ىالمرحلة ، فمجلس جهة الشرق شريك أساسي في التخفيف من تبعات قرار الدولة.

 

أعلن المدير العام للجمارك عن حرب إدارته على التهريب . ألى تعتقدون أن الأمر سيزيد التوتر والإحتقان بالمنطقة ، خصوصا وأن الآلاف تقتات منه ؟.

أكيد أن القرار ستكون له عواقب سلبية إذ لم يتم إتخاذ إجراءات وتدابير مستعجلة من قبل الحكومة والفاعلين الإقتصاديين تهدف بالدرجة الأولى إمتصاص ” معطلي  التهريب ” ، مع عمل الحكومة بالدرجة الأولى على سن سياسات ترمي في بعدها التشجيع على الإستثمار، من خلال تقديم حوافز ضريبية ، وتوفير العقارات للإستثمار في مجالات تستقطب أكبر عدد من اليد العاملة خصوصا في المجال الصناعي ، وإعادة النظر في المنطقة الصناعية لسلوان بما يضمن خلق الرواج بها ، وغيرها من التدابير التي تروم التخفيف من تبعات ” الحرب ” على التهريب ، الذي لن يجادل أحد في كونه بمثابة سرطان ينخر الإقتصاد الوطني ، ويعيق التنمية ، بالإطافة إلى آثاره السلبية على صحة المستهلك وسلامته.

وضمن ذات السياق لا بد من التذكير بالأوراش الكبرى المفتوحة بمختلف المناطق المغربية ، وهي الأوراش التي يعد بعدها الإجتماعي أحد دعاماتها ، وهو ما سيمكن لا محالة أبناء المغرب ، ممن أضطروا لإمتهان التهريب والهجرة إلى جوار الحدود مع مليلية المحتلة، إلى العودة إلى مناطقهم الأصلية والإشتغال بها بكرامة ….

هذا من جهة ومن جهة أخرى لابد زأن نستحضر الأزمة الإقتصادية التي تمر بها مجموعة من دول العالم ، ومنها المتقدمة ، أزمة أرخت بضلالها على المغرب وساهمت بشكل مباشر في الرفع من نسبة العطالة.

 

هل تعتقدون أن مهمة القضاء على التهريب سهلة ؟ وما هي درجة ثقتكم في تحقيق الأهداف المتوخاة من ميناء الناظور؟.

محاربة التهريب بجهة الشرق بصفة عامة مهمة صعبة جدا، لكونه أصبح ثقافة لدى شريحة كبيرة من أبناء الجهة سواء عبر الجارة الجزائر أو عبر معبر مليلية، والقضاء عليه يتطلب استراتيجية وواضحة المعالم ، تبتدئ من قرار سياسي واضح المعالم يضع حماية الممتهنين الصغار من الوقوع في آفة البطالة، كما يتطلب اللجوء إلى تحفيز المستوردين والمصدرين عبر اعفاءات ضريبية وكذا تبسيط الاجراءات الإدارية، وعلى الدولة كذلك مضاعفة المجهود في تشجيع الاستثمار عبر استقطاب رؤوس اموال وانشاء معامل ومراكز تجارية قادرة على استقبال تلك الجيوش من ممتهني التهريب المعيشي وهو ما أشرت له سلفا.

وهنا لابد من أن أثمن إقدام السلطات الإقليمية والوزارة الوصية على الترخيص بإحداث معملين في محيط ميناء بني انصار.

فالبطبع امتصاص البطالة يجب أن يواكبه برنامج خاص بالتكوين المهني لتأهيل اليد العاملة المتخصصة لتسهيل الولوج إلى سوق الشغل.

 

ماهي الجهة التي تعلقون عليها آمال نجاح المشروع ؟ وما هي متطلبات النجاح ؟.

ليس هناك جهة محددة قد نعلق عليها آمال نجاح المشروع ، فالكل معني ومطالب بإنجاحه ، وقد يصل الأمر إلى تقديم تضحيات لبلوغ الأهداف المنشودة ، وهي أهداف قد لا يتضح للبعض نتائجها الإيجابية خصوصا في أوساط ممتهني التهريب ، أو أباطرته ممن لا يجيدون ” تدقيق ” حساباتهم وألفوا ” المقامرة ” .

فكلنا معنيون وشركاء في دينامية التنمية الحقيقية بما يكفل العيش بكرامة ، حكومة ومجالس منتخبة وقطاع خاص وهيأت مدنية ، و” التوابين ” من المهربين …

الكل مطالب طل من جهته أولا بتفهم متطلبات المرحلة والقرارات والتدابير الملازمة له للقضاء على التهريب، ومن ثم تبادل الآراء وفتح نقاشات محلية وجهوية ووطنية بين مختلف المتدخلين ، لإيجاد صيغ وبدائل تفضي في آخر المطاف إلى تحقيق أهداف وطموحات مختلف المكونات .

ومن هنا أدعوا إلى التأطير والإنخراط داخل إطارات مدنية، خصوصا من قبل ممتهني التهريب المعيشي ، ليتسنىى لهاته الفئة الدفاع عن مصالحها، وهي مهام ملقاة على عاتق النقابات والأطارات السياسية.

 

هناك من يرى أن قرار إغلاق المكتب الجمركي مع مليلية ، وتأهيل ميناء بني أنصار ، هو نتائج تحركات أشخاص ، في حين يرى آخرون أن الأمر يتعلق بمشروع الدولة . أين يقف الأستاد العبوضي ؟.

أكيد أن الدولة المغربية  تتحرك وتتخذ القرارات في الوقت الذي تراه مناسبا،ولا تلتجأ إلى الأشخاص إلا عند حاجتها في تنزيل أجنتدتها و إنجاح قراراتها ، وجوابا على سؤالكم فالأكيد أن قرار إغلاق المكتب الجمركي مع مليلية ، وتأهيل ميناء بني أنصار ، والقطع مع التهريب هو قرار الدولة ومشروعها الذي إنخرط فيه أشخاص سواء بمحض إرادتهم دون وعي منهم ، لتلاقي المصالح ، أو من خلال إملاءات   …

وفي جميع الأحوال فالمصالح المشتركة بين الجميع هي المحفز الأساس ، وهي المصالح التي لن يمكنها في آخر المطاف من الخروج عن دائرة المنفعة العامة.

 

ألى تعتقد أن المغرب منح إسبانيا الوقت الكافي للتفكير في بديل إقتصادي للتهريب خصوصا بمدينة مليلية ، وهو ما قد يفهم من الخطاب الملكي الذي وجهه من وجدة ، وأكد في إحدى فقراته عن إنشاء منطقة للتبادل الحر ؟.

بكل تأكيد ، المغرب منح إسبانيا من الوقت ما يكفيها لإختيار نموذج يقوم عليه إقتصاد مدينة مليلية المحتلة، فالمغرب كان بإمكانه إتخاذ إغلاق الحدود في وجه التهريب المعيشي ، بالغم من صعوبة مثل هذا القرار لإعتبارات إجتماعية أمام عجز الحكومات المتعاقبة لإيجاد إجابات عن مرحلة ما بعد الأزمة التي بإمكان مثل هذا القرار أن يفرزها، والمتعلقة بجحافل المشتغلين في المجال ومستقبلهم في ظل إنتشار البطالة بعموم مناطق المغرب، وإسبنا كانت واعية بصعوبة إتخاذ المغرب لمثل هاته القرارات ، وكانت تشير لها في مناسبات متعددة وأشارت لها مؤخرا ، بعد إتخاذ المغرب لقراره القاضي بإغلاق المكتب الجمركي بباب مليلية.

من جهة أخرى وفي خطاب جلالة الملك يوم 18مارس2003في وجدة،أعلن جلالته عن إعطاء الانطلاقة لمشاريع عديدة تهم تنمية جهة الشرق،بما فيها إحداث المنطقة التجارية الحرة،بفضاء  محيط ميناء بني انصار ، وهو القرار الذي كان بإمكانه ” خنق ” إقتصاد المدينة المحتلة القائم على عائدات التهريب، وكان خطاب جلالة الملك بمثابة إندار لسلطات الإحتلال والدولة الإسبانية ، ورسالة مفادها أن الدولة أخدت على عاتقها تنمية جهة الشرق ، من خلال الإعلان عن مشاريع كبرى تهم البنية التحتية وما يرافقها كالخط السككي والطريق المزدوجة والطريق الساحلي ، في الطريق السيار المستقبلي وتوسعة مطار العروي ، وإحداث وكالة لتهيئة بحيرة مارتشيكا والجماعات الواقعة تحت نفوذها وغيرها من المشاريع الكبرى التي شهدتها مختلف مناطق الجهة بعد خطاب الملك ل 18 مارس .

وكما يقال لكل مقام مقال ، أو كل شيئ له أوانه ، فإن الدولة المغربية رأت أنه آن الأوان لتصحيح الأوضاع، مستحضرة في ذالك كل المعيقات.

كلمة أخيرة :

أرى أنه لابد من توجيه نداء لرؤوس الأموال أبناء المنطقة سواء المتواجدين خارج المغرب أو الذين فرض عليهم الاستثمار في جهات أخرى في مرحلة كانت بعض الجهات تساهم في تهريب المشاريع إلى جهات أخرى، كما أجدد تأكيدي على أن الدولة مطالبة بسن ثقافة جديدة في التشغيل عبر إعطاء الأولوية لأبناء المنطقة .كما انوه باقدام الحكومة على أحداث مدينة المهن والكفاءات في الناظور لأنها ستساهم في تكوين جيل جديد من اليد العاملة المواكبة للمشاريع التي ستعرفها المنطقة.

وشكرا لجريدة الشعب ومسيرة موفقة لموقع ANMON.MA.