الفنيدق.. تعثر مشروع المنطقة الصناعية البديل للتهريب المعيشي يُفجر غضب الشارع

6 فبراير، 2021 - 12:14 الريف الكبير تابعونا على Lwatan

على الرغم من قساوة مشهد المواجهات العنيفة التي نشبت مساء يوم أمس الجمعة بين المحتجين من العاملين في مجال التهريب المعيشي وبين عناصر الأمن، إلا أن الوصول إلى هذه الدرجة من الغليان لا يصنف في خانة المفاجآت، كون أن معالم الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي تعيشها مجموعة من مدن شمال المغرب منذ 2019 لم تعد خافية على أحد، وتزداد حدتها مع كل يوم تأخير في خلق البديل المناسب.

والبديل الذي طرحت الحكومة بعد أن جرى الإقفال الفعلي للحدود التجارية مع مدينة سبتة وإنهاء التهريب المعيشي عمليا منذ ما يقارب السنتين، هو مشروع المنطقة الاقتصادية لمدينة الفنيدق، الذي خُصص له غلاف مالي بقيمة 200 مليون درهم وكان من المفترض أن يصل ورشه خلال الفترة الحالية إلى مراحل متقدمة كون التاريخ المحدد لشروع الفضاء في استقبال الأنشطة التجارية لفائدة أبناء المنطقة هو عام 2022.

واستُكملت الأرضية القانونية للمشروع منتصف السنة الماضية بنشر الجريدة الرسمية للمرسوم رقم 2.20.425 الصادر عن رئيس الحكومة بتاريخ 24 يونيو 2020 والموقع بالعطف من طرف محمد بن شعبون، وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والذي يعطي الإذن للوكالة الخاصة طنجة المتوسط بإحداث شركة مساهمة تابعة لها ستكون معنية بمنطقة الأنشطة الاقتصادية بمدينة الفنيدق برأسمال يبلغ مليون درهم.

وكشف المرسوم أن تمويل المشروع سيمتد خلال الفترة ما بين 2020 و2022 عن طريق المساهمات المالية لعدة مؤسسات، حيث سيخصص مجلس جهة طنجة تطوان الحسيمة مبلغ 80 مليون درهم ووزارة الداخلية 70 مليون درهم ووزارة الصناعة والتجارة والاقتصاد الأخضر والرقمي 40 مليون درهم، فيما تبلغ مساهمة وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية في عمالات وأقاليم الشمال 10 ملايين درهم.

وبالفعل بدأت بوادر هذا المشروع بالظهور على أرض الواقع من خلال اختيار وعائه العقاري المقابل للمعبر الحدودي “باب سبتة”، حيث تقرر إنجاز الشطر الأول منه بقيمة 66 مليون درهم على مساحة 10 هكتارات، وفق اللوحات التقنية الموجودة في عين المكان، لكن ما حدث بعد ذلك هو أن المشروع دخل في حالة سبات راجعة إلى وجود مشاكل في طلبات العروض التي فتحتها وكالة إنعاش وتنمية أقاليم الشمال.

ففي دجنبر الماضي أصدرت الوكالة بلاغا تعلن فيه إلغاء الصفقة الأولى بسبب “نتائج الدراسة التكميلية التي قامت بها عقب العراقيل التي عرفها الورش الأول، حتى تتمكن من إنجاز المشروع في أحسن الظروف”، معلنة عن طرح طلب عروض جديد جرى فتح الأظرفة الخاصة به يوم 22 يناير 2021، وقد تسبب هذا الارتباك الذي لم تفسر أي جهة أسبابه الدقيقة، في ضياع عام كامل من عمر المشروع.

ويفرض هذا التعثر الذي طال المشروع الوحيد الذي جُعل كبديل لظاهرة التهريب المعيشي بشمال المغرب، التساؤلَ حول سبب إصرار الحكومة على إنهاء هذا الوضع قبل العمل على خلق أنشطة اقتصادية جديدة بالمنطقة، وهو الأمر الذي سبق أن نبهت له منظمات جمعوية وحقوقية، والتي حذرت من الوضع الاقتصادي والاجتماعي لسكان إقليمي المضيق – الفنيدق وتطوان في ظل عدم وجود بدائل استباقية.

وحسب إحصاءات منظمات مدنية فإن عدد العاملين في مجال التهريب المعيشي يقدر بحوالي 4000 رجل وامرأة، لكن تأثير هذا النشاط يشمل آلاف الأسر الأخرى بالعديد من مدن الشمال كون أن الكثير من المتاجر، وخاصة التي تعمل في مجال بين المواد الغذائية والألبسة، تعتمد على البضائع القادمة من سبتة، الأمر الذي يفسر الكساد الاقتصادي الذي عاشته المنطقة بعد إغلاق الحدود والتأثيرات الاجتماعية القاسية على المواطنين هناك.