فاز الديمقراطي، جو بايدن، بالانتخابات الأكثر جدلا وتنافسا في تاريخ أمريكا، بعد حصده أصوات أغلب المجمع الانتخابي، وما يزيد عن 70 مليون ناخب أمريكي، وهو العدد الأكبر في تاريخ التصويت على أي مرشح رئاسي في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية.
وبفوز جو بايدن، تكون حقبة دونالد ترامب، الرئيس الأكثر جدلا في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية، قد طويت بعد أن تسبب في الكثير من الفوضى للعالم، بصفقاته السياسية والمالية، مع الدول والمنظمات، رافعا شعار “أمريكا أولا” دون الاهتمام بشكل كبير بتعقيدات السياسات الدولية، والمصالح المشتركة للدول، كما هو الحال عند انسحابه من اتفاق باريس للمناخ، ومن منظمة الصحة العالمية، ومن اتفاقية الشراكة للتجارة العابرة للمحيط الهادئ.
ومن الاتفاقية المتعلقة بلجم برنامج إيران النووي، ومن منظمة التربية والعلم والثقافة (يونسكو) بحجة أن المنظمة منحازة ضد إسرائيل، ومن مجلس حقوق الإنسان، كما أوقف تمويل وكالة إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وكذا، قام بتجميد اتفاقية وقف التجارب على الصواريخ البالستية متوسطة المدى.
وبخسارة دونالد ترامب، ينتظر أن يُعيد جو بايدن تشكيل السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، كما وعد أثناء حملته الانتخابية، وغالبا ما ستكون منطقة الشرق الأوسط أكبر المتضررين من خروج ترامب من البيت الأبيض، حيث سبق للرئيس الأمريكي المنتخب، جو بايدن، أن تَوعد ولي العهد السعودي، محمد ابن سلمان بـ”الندم” لقتله الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، كما وعد بايدن أثناء حملته بوقف بيع الأسلحة الأمريكية للسعوديين الذين يقتلون الأطفال والشيوخ في اليمن، وأكد أنه سيجعل (السعودين) منبوذين، كما هو حالهم، حسب وصفه.
واعتمدت السعودية ووولي عهدها، محمد بن سلمان على “سخاء” ترامب السياسي كثيرا لتجاوز الضغوط التي مورست عليها بعد قتل الصحافي جمال خاشقجي داخل القنصلية السعودية في اسطنبول بتركيا، كما تحاشى ترامب انتقاد السعودية عند غزوها لليمن ، حيث تسببت في مآسي إنسانية كبيرة وتدمير بلاد بكاملها، وتشريد الآلاف من الأسر وانتشار الأمراض الفتاكة بين الأطفال.
الإمارات لن تكون أحسن حالا بعد خروج ترامب، وهي الدولة التي اعتمدت على صناديقها السيادية التي تملك أصولا مالية بما يَزيد عن 370 مليار دولار وظفتها في صفقات وأسلحة سخية لإسكات دونالد ترامب مُقابل “صمته” الكلي عن خروقاتها في ليبيا وسورية واليمن، وهو نفس الصمت الذي مارسه ترامب مع الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي كان يصفه بـ”ديكتاتوري الصغير”، حيث غض الطرف عن انتهاكات حقوق الانسان في مصر من قمع للمعارضة والصحافيين، وكذا الوفاة الغامضة لأول رئيس منتخب في تاريخ مصر، محمد مرسي، مع كل الانتهاكات التي يمارسها الجيش المصري في شبه جزيرة سيناء ضد القبائل هناك بداعي محاربة “الإرهابيين”.
وسيكون السيسي في مواجهة مباشرة مع الرئيس المنتخب، جو بايدن، الداعم لحقوق الانسان، ومع صقور الحزب الديمقراطي الذين سيكون لهم ثقل في رسم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، كما هو الحال مع وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون التي لا تُكِن الكثير من الود للرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي.
ويدو أن العديد من الملوك والشيوخ والرؤساء في الشرق الأوسط عليهم أن يقلقوا فعليا، مع صعود جو بايدن رئيسا للولايات المتحدة، ونهاية “الحقبة الترامبية” حيث ينتظر أن يُعاد تشكيل السياسة الخارجية لواشنطن وإعطاء الأولوية للديبلوماسية عوض الصفقات “الفاضحة” كما كان حال إدارة ترامب، وكبير مستشاريه وزوج ابنته جاريد كوشنير.