أنجز مجلس المنافسة، خلال سنة 2019، دراسة متعلقة بسوق المحروقات، وبكيفية ضبط هوامش الربح في هذا المجال الحيوي، حيث تم اللجوء إلى إجراء تسقيف هوامش الربح للمحروقات السائلة خلال الفترة الممتدة من دجنبر 2014 إلى دجنبر 2015، غير أنه لم يحقق النتائج المرجوة، وذلك لكون الفاعلين في سوق المحروقات يلتزمون، عموما، بالحد الأقصى للسعر المحدد دون بذل جهود لتخفيض الأسعار، وبالتالي يتحول السعر، بحكم الواقع، من الأدنى إلى الأقصى.
وأكد تقرير مجلس المنافسة أن التدخل في مستوى هوامش الربح المحققة من طرف الموزعين بالجملة والتقسيط فقط، لن يغير من واقع الأسعار ولن يفضي، بالتالي، إلى حماية المستهلك وصيانة قدرته الشرائية، “وعليه، إذا كانت السوق الوطنية تراهن بالأساس على السوق العالمية لتموين حاجياتها المنتوجات النفطية بنسبة 90 في المائة، فالسؤال الحقيقي المطروح في هذا الصدد، لا يتجلى في تسقيف هوامش الربح، بل في تحديد التدابير والإجراءات الواجب اتخاذها لمواكبة وتعويض الفاعلين في القطاع وشرائح السوق وقطاعات الأنشطة، وفئات السكان، الذين سيتأثرون بشكل كبير بالارتفاع غير المتوقع لأسعار النفط والمنتجات المكررة على الصعيد العالمي”.
وأشار المصدر ذاته إلى أن نفس الأسباب قد تفضي إلى نفس النتائج إذا ما أقرت الحكومة تسقيف الأسعار، مما سيبعث إشارات سلبية إلى الفاعلين في السوق، وتنعكس سلبا على رؤيتهم تجاه القطاع، كما تتسبب في نشوب مخاطر اجتـماعية حقيقية لا يمكن توقع تداعياتها على استقرار العلاقات المهنية داخل القطاع، وهو واقع يحتم إجراء مجموعة من الإصلاحات الهيكلية.
وأوضح مجلس المنافسة أن سوق المحروقات تعاني من أعطاب واختلالات تنافسية هيكلية لا تنفع معها الإجراءات المتخذة للتصدي لهذه الاختلالات، بشكل دوري، إذ تبقى غير فعالة. وعليه، يتعين على الحكومة أن تضع في حسبانها، أثناء التدخل لمواجهة هذه الاختلالات، حجم خطورة المشاكل التي يعرفها القطاع في مجال المنافسة، وتحسين شروط ممارستها. ويرجع الجزء الأكبر من هذه المشاكل الهيكلية إلى مسلسل التحرير الكلي لأسعار المحروقات الذي بدأته الحكومة في 2015، دون إعداد مسبق ودون اتخاذ تدابير فعالة للمواكبة، من شأنها توفير الشروط دجنبر الكفيلة بإنجاحه.
ويرى المجلس أن قرار التحرير الكلي لأسعار المحروقات اتخذ على نحو استعجالي، دون استحضار عدة عوامل مرتبطة بالسياق الوطني، كان من المفروض أن تنبه الحكومة إلى الجدوى من دخول القرار حيز التنفيذ، وتحديد كيفيات تطبيقه