أنمون: وكالات
تشير دراسة أجريت في بؤرة انطلاق فيروس كورونا في ألمانيا إلى عدد المصابين (حسابيا) قد يكون 1.8 مليون مصاب على مستوى ألمانيا ككل، فالكثيرين يحملون الفيروس بدون علم، لأن واحدا من خمسة لا تظهر عليه عوارض.
بلدة غانغيلت في منطقة هاينسبيرغ في غرب المانيا تُعتبر مركز العدوى بكورونا في المانيا. ففي منتصف فبراير تعرض سكان للعدوى أثناء حفل كارنفال كبير وبسرعة انتشر الفيروس.
ومباشرة بعد معرفة حالة كورونا الأولى اتخذ المسؤولون إجراءات وقائية وتم إغلاق المدارس ومكث الناس في بيوتهم وشُلت الحياة العامة. وبالنسبة للجانب العلمي يكون هذا التفشي المحلي للفيروس ضربة حظ، لأنه يمكن تتبع كيف سارت بالتدقيق طرق العدوى، وما هي المجموعة البشرية التي أُصيبت في الغالب وما هي العوارض التي ظهرت بكثرة وما هو عدد السكان الذي توفي بسبب المرض.
ولذلك شرع باحثون من جامعة بون تحت قيادة البروفيسور هندريك شتريك في محاولة تجربة فريدة من نوعها في البلدة الصغيرة. والدراسة التي تحمل عنوان “بروتوكول هاينسبيرغ” كان من شأنها أن تقدم فقط نتائج علمية، ووجب أيضا حسب الإمكانية أن تكشف عن لإجراءات الوقاية الفعالة وتقديم استنتاجات تتجاوز بلدة غانغيلت.
عالم الفيروسات، هندريك شتريك من جامعة بون
وعندما عرض الباحثون من بون في الـ 9 من أبريل النتائج الأولية، تتابعت السياسة والمجتمع باستنتاج خلاصات لصالح المانيا ككل. والتخفيف من إجراءات الحجر الصحي المتشددة باتت ممكنة مجددا، إذ أن 15 في المائة من الألمان قد يتوفرون على المناعة. لكن هناك من شكك في هذه الدراسة الميدانية وانتقد أسلوب العمل المتبع فيها.
ما هي الاستنتاجات الجديدة من غانغيلت؟
أسبوعان بعد عرض النتائج المؤقتة قدم البروفيسور هندريك شتريك من جامعة بون والبروفيسور غونتر هارتمان، مدير معهد الكيمياء والصيدلة السريرية الصيغة الأولى لمخطوط علمي. يعني أن مجتمع الخبراء وجب عليه التحقق من هذا العمل أولا. وفي المجموع فحص الباحثون من بون 919 شخص من 404 بيت، لكن لم تُؤخذ عينات من الدم من الأطفال الذين كان عددهم قليلا في هذه المجموعة التجريبية والأشخاص الكبار الذين يتجاوز عمرهم 65 عاما كانوا ممثلين بشكل أكبر. “نسبة الإصابة لدى الأطفال والكبار والمسنين متشابهة جدا وليست رهينة بالسن”، كما قال البروفيسور شتريك. ولا توجد فوارق ملموسة بين الأجناس.
رقم خفي كبير مثير للذعر؟
ومن بين الذين حصلت لهم تجارب كان حوالي 15 في المائة مصابين. وإذا ما قارنا هذا العدد مع المصابين المعلن عنهم رسميا، فيتضح رقم خفي يفوق خمسة أضعاف ما هو مسجل في غانغيلت. وإذا ما طبقنا هذا النموذج الحسابي على كافة المانيا ـ الأمر الذي غير بعيد عن إثارة الجدل ـ يمكن أن يكون على المستوى الاتحادي قد أصيب 1.8 مليون شخص بفيروس كورونا. وستفوق هذه النسبة عشر مرات ما يعلن عنه معهد روبيرت كوخ عن الحالات المسجلة.
والمثير للانتباه هو أن 22.2 في المائة من مجموع الأشخاص المصابين عايشوا تطورا بدون عوارض للمرض. وهذا يتشابه مع نتائج بحوث أخرى في الصين وكوريا الجنوبية تؤكد أن نحو خُمُس المصابين لم يشعروا بالمرض ونقلوا العدوى بدون شعور لآخرين.
الكارنفال مقلاع الفيروسات
والواضح أن حفل كارنفال في غانغيلت هو الذي كان المسبب الفعلي لانتشار الفيروس: فلدى المشاركين في الحفل كانت نسبة الإصابة مرتفعة بشكل ملحوظ وكذلك العوارض. “ولمعرفة هل القرب الجسدي بين الناس ساهم في تطور أقوى للمرض، نخطط لبحوث إضافية في تعاون مع خبراء النظافة”، كما قال البروفيسور هارتمان. والمثير للدهشة هو أن خطر الإصابة للأشخاص في البيت الواحد لم يرتفع بسرعة حسب التوقعات.
وبعد الانتقاد الشديد عقب عرض النتائج الأولية تفادى الباحثون في بون إعطاء أي نصائح أو استنتاجات لصالح كافة المانيا. لكن الدراسة الميدانية في غانغيلت قدمت بيانات واستنتاجات قيمة. وهذه النتائج يمكن توظيفها لتحسين نماذج حسابية لكيفية انتشار الفيروس.