متابعة
في كل صيف، تتجدد مأساة أركمان، القرية الساحلية التي تضج بالحياة والنشاط، لتتحول إلى مسرح لحالات الغرق المتكررة التي تحصد ارواح المستجمين في مياهها، وتترك جراحا عميقة في صفوف الاهالي.
فعليا، صارت شواطئ القرية الواقعة ضمن النفوذ الترابي لإقليم الناظور، فخ يبتلع الارواح ابتلاعا، بعدما كان حتى الى وقت قريب ملاذا أمنا للعائلات لقضاء عطلة استجمامية وللهاربين من حر الشمس.
ففي الوقت الذي تتوافد فيه أعداد كبيرة من المصطافين على شواطئها، تبقى هذه الشواطئ نفسها عُرضة لكل المخاطر، خصوصاً في غياب سيارة إسعاف مجهزة وقادرة على التدخل في الحالات الطارئة، ونقل المصابين إلى أقرب مستشفى في وقت قياسي.
إن تأخر وصول سيارة الإسعاف إلى مكان الحادث، كما حدث في حالات كثيرة، بينهم تأخرها لأكثر من 90دقيقة بعد غرق سيدة تبلغ من العمر حوالي 40 سنة خلال هذا الاسبوع، يزيد من حدة المأساة ويفاقم من معاناة المصابين وأسرهم، فكل دقيقة تمر هي دقيقة حاسمة، وقد تكون الفرق بين الحياة والموت.
وهنا، نحمد الله على لطفه وعنايته التي جنبت وفاة هذه السيدة، خصوصا بعد تدخل عناصر الانقاذ المرابطين على مستوى الشاطئ وعدد من المواطنين، وتقديمهم لها الاسعافات الاولية.
أمام هذا الواقع المرير، يتساءل المرء: أين المسؤولية؟ أين الاهتمام بسلامة المواطنين؟ لماذا تتكرر هذه المأساة سنة بعد سنة دون أن يتم اتخاذ أي إجراءات جدية لوضع حد لها؟
وغياب مركز للوقاية المدنية بقرية أركمان، أو على الاقل سيارة إسعاف مجهزة، وعدم توفر المستلزمات الطبية الكافية بالمستوصف المحلي، كلها عوامل تساهم في تفاقم الأزمة وتزيد من حدة المعاناة.
و مطالب ساكنة أركمان بإنشاء مركز للوقاية المدنية ليست مطالب جديدة، بل هي صرخة استغاثة تتكرر في كل صيف، فهل من المعقول أن تظل هذه المطالب حبيسة الأدراج، وأن تبقى أرواح الأبرياء رهينة البيروقراطية والتسويف؟
المسؤولين مطالبون بالتحرك العاجل والفوري لحل هذه المشكلة، والعمل على توفير كل الإمكانيات اللازمة لضمان سلامة المواطنين، قبل حدوث كارثة لا تحمد عقباه، فحماية الأرواح هي أولوية قصوى وتسبق أية اولوية أخرى، ولا يمكن التهاون فيها بأي شكل من الأشكال.
وهنا نناشد للمرة الاف الجهات المسؤولة بالتدخل العاجل، وتوفير كل الإمكانيات اللازمة لتجهيز شواطئ أركمان بكل ما يلزم من وسائل السلامة، وإنشاء مركز للوقاية المدنية محليا، وتوفير سيارة إسعاف مجهزة، وتزويد المستوصف المحلي بكل المستلزمات الطبية اللازمة ليرقى الى المستوى الذي يجعله قادرا على تقديم خدماته للمرضى والمصابين.
فحياة المواطنين ليست لعبة، ولا يمكن التضحية بها من أجل المصالح الضيقة، فلتتحرك الضمائر، ولتتحرك المسؤولية، قبل فوات الأوان.