بقلم : الكتور عبد الهادي امحرف
حزت في نفسي كثيرا صورا لمشاهد تراكم الأزبال بمدينة الناظور، ولقد أغضبتني واستفزتني هذه الصور الملتقطة في شوارع الناظور وأزغنغان وبني نصار، صور لمشاهد مقززة تدعو للغثيان وتسبب القيء، مدينة تعد إحدى البوابات الأولية للولوج لباقي مدن وأرجاء المغرب، مدينة في هذا الموقع من المفترض أن تكون من أجمل مدن البلاد، مدينة من المفترض أن تكون نقية وطاهرة ونظيفة، سواء في شوارعها الخلفية الداخلية أو الرئيسية، مدينة بهذه المواصفات، لا شك أنها، ستعطي انطباعا استياقيا إيجابيا عن باقي المناطق للراغب في زيارة مدن مغربية أخرى وستشجعه للنفوذ لباقي أرجاء البلاد، مدينة الناظور يسعى بعض المسؤولين أن يسوقوها وطنيا ودوليا كوجهة سياحية بفضل المشاريع العملاقة الضخمة لمارتشيكا، مما يتطلب ألا تفارقها مكانس المستخدمين المكلفين بالنظافة.
أمام هذه المشاهد المقززة المشينة، لجأ مجموعة من الشباب لالتقاط مجموعة من السيلفيات وبثها في المواقع الاجتماعية للفايسبوك واليوتوب والواتساب، سيلفيات لمناظر ومشاهد نادرة لجبال من القاذورات وناطحات من النفايات، وكأنهم بهذه العملية يخلدون إحدى أجمل الذكريات وأحلى اللحظات التي لا تجود بها المدينة إلا لماما، هؤلاء بنشرهم لهذه السيلفيات يوجهون رسائل لعديمي المسؤولية لتحمل مسؤولياتهم أمام هذا الحدث التاريخي النادر للقيام بما تقتضيه المصلحة العامة لنسف هذه الجبال من الأزبال وهدم هذه الناطحات من القاذورات، وفي نفس الوقت يحذرون الراغب المقبل على زيارة الناظور وينبهونه لحمل الكمامة الطبية حفاظا على صحته ويهيؤونه نفسيا لتقبل هذه المشاهد التي تسيئ لجمالية المدينة.
لا يعد ترك هذه القمامات في الأماكن العامة؛ في الشوارع وأمام المساجد وأبواب المدارس وأسوار الجمعيات… الخ مشكلة جمالية فحسب تسيئ لسمعة الناظور التي تعاني أصلا من هجرة أبنائها لها وعدم إقبال الزوار المغاربة والأجانب عليها، قياسا على باقي مدن الشمال كتطوان وطنجة، علما بأن الناظور توجد وسط أنقى مدينتن وهما مليليه والحسيمة.
إنما هذه القاذورات تعد أيضا مشكلة صحية لما تسببها من أضرار على المواطن بروائحها التي تخنق الأنفاس وبما تجذب من حشرات وقوارض والتي تحمل بدورها أمراضا تنقلها للإنسان. إن هذه الوضعية البيئية والجمالية الكارثية التي وصلت إليها الناظور وأزغنغان وأيت نصار والضواحي المجاورة لها لا يتحمل مسؤوليتها السكان، كما لا يتحملها عمال النظافة الذين يشتغلون في ظروف صعبة ومأساوية، إن من يتحمل مسؤولية هذه الوضعية الكارثية هم عديمو المسؤولية في هذه البلديات الثلاث.
هؤلاء اللامسؤولون، هم من يتحملون مسؤولياتهم تجاه هذه الكارثة الجمالية والبيئية والصحية لسوء تدبيرهم لملف النظافة بمدينة الناظور وضواحيها.
كيف يعقل أن يمدد عقد تدبير جمع النفايات لشركة مفلسة لا تملك سوى أسطول من الشاحنات المهترئة والمعطلة؟ ويسمح لها بكراء شاحنات عاديات غير مصممة لهذه المهمة، عوض إرغامها على استعمال شاحنات بالمواصفات اللازمة لحمل الأزبال والشروط الضرورية لطرق تعبئتها ولها ركن يتسلق إليه المستخدم محمولا، لا لاهثا وراكضا ورائها كما هو الشأن مع الشاحنات العاديات.
إن منظر هذه الجبال المتراكمة من الأزبال والشاحنات المستعملة حاليا لجمعها يعطي انطباعا للناس بأن مدينة الناظور تعيش على هامش التاريخ والحضارة.
فكفاك أيها المسؤول من إذلال السكان وتوقف عن إمعانك في إهانتهم، وبدل أن تفكر في التفويض المدبر لملف النفايات وفق شروط غير واضحة لا تحترم، فكرفي تفويض مدبر لأمرك ولأمر بلديتك لشركة خاصة ستتكلف بتسييرك وتدبير إدارتك وفق شروط معينة للتغلب على عجزك وملء فراغك وعدم قدرتك على تحمل مسؤوليتك، وربما هذا التدبير المفوض سيساهم في تطويرك ويحسن جودة خدمات بلديتك في التجاوب إيجابا مع مصالح المواطنين.
ابن مدينة أزغنغان.. نائب عميد كلية الاداب و العلوم الانسانية بتطوان
صرخة ثائر على تراكم الأزبال بالناظور..
7 أغسطس، 2019 - 00:35
الرئيسية
مقالات مشابهة
21 نوفمبر، 2024