لم يكن لرسالة التخلي عن الجنسية المغربية، الموقعة من قبل بعض المعتقلين على خلفية أحداث الريف، إلا تفسير واحد، أن الذين يحركون خيوط «الحراك» لا يريدون حلا في إطار المصالحة، ويضعون بذلك عصا الابتزاز في عجلة مسار الحصول على العفو، الذي أطلقه المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
وفي الوقت الذي تتحرك أعلى سلطة بالبلاد لإعادة رسم خارطة الحريات والحقوق، ووصل الأمر حد المطالبة بوضع عقد اجتماعي جديد، رد الرافضون لكل الحلول الوطنية بخطوة كانت مواقع «بوليساريو» سباقة إلى التهليل بها في محاولة لبعثرة معالم مصالحة وطنية تصحح اختلال توزيع الثروة بين الفئات والجهات.
وعكس ما يروج له البعض بأن في الإقدام على التنازل عن الجنسية دليل على انتصار اليأس وموت التفاؤل من المستقبل، تحمل الرسالة إعلانا عن طلب عروض لبيع الوطن، على اعتبار أن السجين الذي يتنازل عن جنسيته يبحث عن متعهد أزمات يمكنه تقديم له جواز سفر بديل، أو حتى المطالبة بترحيله لأنه لم يعد مغربيا.
طلب أصحاب الرسالة الخارجة من رسالة من سجن «رأس الماء» ما لم يطلبه اليهود المهاجرون إلى إسرائيل، إذ أكدوا العزم وهم «في كامل قدراتهم العقلية والجسدية والذهنية على التخلي عن جنسية الدولة المغربية وإسقاطها وإسقاط رابط البيعة بدءا من تاريخه».
وكشفت لائحة المطالب أن أصحاب الرسالة ينفذون قصفا موجها ضد الوطن أولا وأخيرا، ويريدون تحقيق ما يخطط له من قبل البعض لتدويل القضية المفتعلة، إذ حملوا الدولة المغربية كامل المسؤولية في أي مساس بسلامتهم الذهنية والجسدية وتحميل المجتمع الدولي وهيآته ومؤسساته مسؤولية تتبع مصيرهم.
ويستفاد من مضمون الرسالة أن الموقعين عليها لا يعتبرون نفسهم مغاربة أصلا، لأنهم يطالبون بشيء لا تملك الدولة نفسها حق الحسم فيه، على اعتبار أن القانون المغربي لم يمنحها إمكانية إسقاط الجنسية الأصلية إلا في حالة واحدة، وهي التي يكون فيها المواطن المغربي الذي يؤدي مهمة أو يشغل وظيفة في مصلحة عمومية لدولة أجنبية أو في جيش أجنبي إذا كان شغل هذه المهمة أو الوظيفة يتعارض مع المصلحة الوطنية، ويحتفظ بها أكثر من ستة أشهر، بعد ما تنذره الحكومة المغربية للتنازل عنها.
وأقر الموقعون بشبهة الانفصال لأنهم يعلمون علم اليقين بأن القانون المغربي لا يبيح للدولة التجريد من الجنسية في حق من اكتسبوها وليسوا مغاربة في الأصل، شريطة أن يصدر عليهم حكم من أجل اعتداء أو إهانة الملك أو أعضاء الأسرة المالكة، أو ارتكاب عمل يعد جناية أو جنحة تمس بسلامة الدولة الداخلية أو الخارجية، أو فعل يكون جريمة إرهابية، أو التهرب من القيام بالواجبات العسكرية، أو القيام بأفعال تتنافى مع صفته المغربية أو تمس بمصالح البلاد لفائدة دولة أجنبية.
ياسين قُطيب
طلب عروض لبيع الوطن
28 أغسطس، 2019 - 01:48
الرئيسية
مقالات مشابهة
21 نوفمبر، 2024