بقلم رشيد احساين :
لماذا عادت ” الشعب ” ؟ وما الجديد الذي حمله ” الزمن المغربي ” وطنيا وإقليما ؟ أسئلة عديدة ومتعددة ومنطقية نطرحها عن أنفسنا قبل الآخرين .
ففي الزمن الذي مضى كان الإعلام الجهوي الورقي منه على وجه الخصوص حاضرا بقوة لم يشهد لها مثيل بمختلف جهات المملكة ، إلى درجة يصعب معها إيجاد إسم للصحيفة ، كثرة الأسماء وتنوع التوجهات ، ساهمت بشكل أو بأخر ، إيجابا أو سلبا في خلق دينامية ، ترجمت فيما بعد إلى مجموعة من المنابر الإعلامية الإلكترونية إلى درجة أن المتتبع والمهتم بالشأن الإعلامي لم يستطع عد عناوينها بالرغم من تشابه محتواها ، من جهة أخرى فقد إعلامنا الجهوي توهجه ومصداقيته وأضحت الصحافة مهنة لامهنة له ، وإندحرت أخلاقيات المهنة وما تقتضيه ، لتعم الميوعة بكل ما تحمله الكلمة من معنى ، مقابل تغاضي مختلف السلطات خصوصا الأمنية منها والقضائية ومؤسسات الدولة ومصالحها ممن كانت ترحب بكل من هب ودب وحامل لكاميرا قد تلمع صورة ذات المسؤول ، في الوقت الذي كانت تدرج أسماء البعض من ” المزعجين ” ضمن قائمة “المحرم دعوتهم ” أو التعامل معهم بخصوص المعطيات والمعلومة التي تعد حق …
” الشعب ” عانت من جملة من الإكراهات والمعيقات المادية والمعنوية ، قبل توقفها عن الصدور لسنين مضت وظل الترقب سيد موقف القائمين عليها ، وحيث أن “دوام الحال من المحال “، وتماشيا والتحول الذي شهده المغرب خصوصا على المستوى التشريعي ، وعلى رأسه ما يتعلق بمجال الصحافة والنشر ، وما أفرزه وما سيلي ذالك بعد تفعيل القوانين الضامنة لحقوق الصحفيين ، والتي تصب كلها في إتجاه ” الحد من الميوعة ” ، وبعد مشاورات وإستشارات محيطة بمختلف الجوانب مادية كانت أو معنوية ، وأمام متطلبات المرحلة بجهة الشرق خصوصا ، وما تقتضيه من إعلام صادق مع نفسه قبل الغير، وقادر على مواكبة التحولات ومتطلباتها، فاضح للفساد ، ومواكب للدينامية، إعلام ” الشعب ” الذي يعتمد على التحري والمصداقية في الخبر إحتراما للقارئ قبل القانون. ومواكبة للإعلام الرقمي الذي يرمي المواكبة اليومية للأحداث ، أسسنا مؤسسة إعلامية تحت مسمى KRAD MEDIA والتي أخذت على عاتقها إحياء ” الشعب ” بتوجه جديد ، وخط تحريري واضح المعالم يتماشى وإرادة عاهل البلاد وكل الضمائر الحية في إصلاح الإختلالات ونفخ روح الأمل في ” الشعب ” بعيدا عن تزييف الوقائع وتلميع الصور …
إننا في KRAD MEDIA ومن خلالها جريدة ” الشعب ” وموقعي ANMON .MA و LAHA.MA واعون كل الوعي بالمردودية الإيجابية للعمل المنظم والمقنن في ظل حماية القانون للمهنة ، كما أننا واعون أن الرأي العام بحاجة إلى إعلام صادق وناطق بإسمه ، إعلام مواكب للأحداث مدافع عن حقوق الساكنة من خلال الأخبار والتقارير والربورطاجات والحوارات وغيرها من المواد الإعلامية التي تصب في إتجاه خدمة الصالح العام ، واعون بأن الإستثمار في مجال الإعلام أضحى ضرورة ملحة لتجاوز العقبات المادية المعيقة للإستمرارية والدافعة للإنخراط في جملة من الممارسات التي لا تمت بصلة للصحافة وأخلاقيات السلطة الرابعة.
موضوع الإفتتاحية يجرنا إلى الحديث عن ملف عدد ” الشعب ” ، المتعلق بحرب الجمارك على التهريب، وهو ما أعلن عنه المدير العام للجمارك والضرائب الغير مباشرة في أكثر من مناسبة ومحطة، وإختيارنا للموضوع ليس من محظ الصدفة أن نتائج لخلفيات ، بقدرما هو مرتبط بآنيته وشغله لبال الآلاف من المعنيين والمتدخلين ، خصوصا وأن القرار يستهدف لقمة عيش شريحة واسعة من أبناء هذا الوطن، في ظل غياب حلول واقعية تضمن العيش الكريم لهاته الفئة التي دفعت الظروف غالبيتها لتقبل الإهانة والمذلة .
فمن خلال ملف الجريدة ، نتوجه إلى كل المتدخلين والفاعلين والممتهنين من أجل الإستعداد كل من موقعه وموضعه لتدبير التبعات الناجمة عن قرارات وخطوات إدارة نبيل لخضر، رسائل نوجهها للتفكير الجدي في المستقبل القريب الذي لا يبشر بخير ، في الوقت الذي قد يعم الخير مرحلة ما بعد التدبير الجيد للأزمة الإقتصادية والإجتماعية ، كما أننا ومن خلال ملف العدد نوجه رسالة واضحة لشباب المنطقة على وجه الخصوص والإطارات المدنية وغيرها من أجل العمل على إيجاد صيغ تضمن أولويات التشغيل لأبناء هاته المنطقة التي تضررت وستزيد بسبب السياسات الحكومية وقطاعاتها ، وهنا لابد وأن أتوقف عند ضرورة التأهيل والتكوين لشبابنا في المجالات الحيوية مراعاة لسوق الشغل بالرغم من إنعدام المعاهد المختصة بالجهة ، فإعداد العدة للمستقبل القريب أضحى ضرورة ملحة تقتضي التكتل والوحدة والدفاع عن المصالح المشتركة للمنطقة وأبنائها، تقتضي تقوية النسيج المدني والسياسي والنقابي والإعلام للترافع عن قضايا هاته الرقعة الجغرافية الحدودية ، وفتح نقاشات حول الأخيرة ، لتنميتها وإيجاد بدائل إقتصادية لإمتصاص البطالة في الأول والأخير.
فالفساد مستشر بالبلاد وذالك بإعتراف ملك البلاد، واليأس أصبح ملازما لكل مواطن رغم إختلاف الظروف والمسببات، وهو ما تبرره حالات الإنتحار المرتفعة في مختلف الأوساط العمرية والإجتماعية،هذا إذ ما أضفنا إليه الإرتفاع الملحوظ لمرضى ضغط الدم وغيرها من الأمراض المرتبطة بالضغط النفسي وعوامل الأخير ، فالإكتئآب عم مغاربة ” أجمل بلد في العالم ” ، في ظل تسيير البلاد من قبل مسؤولين لا يجيدون سوى إستزاف مواطني بلدهم ، فإستنزاف المواطن المغربي أضحى شعارا لمسؤولي الحكومات المتعاقبة ، والذين لا يشعرون حتا بالحياء (وهو أضعف الإيمان ) من خلال خرجاتهم الإعلامية ، لأنهم واعون أكثر من غيرهم بعدم قدرتهم إلى الخروج لتفقد أحوال الرعايا، بعد تسجيل العديد من محاولات ” الإعتداء ” على المسؤولين الحكوميين أثناء خرجاتهم الميدانية …
إن المغرب يغلي ولا أحد في هاته البلاد يتجرأ إلى الإقتراب من الفرن للحد من الغليان، باستثناء عاهل البلاد . ولا أحد من مسؤولي هذا البلد حاول مواساة والتهدئة من إحتجاجات هذا الشعب الوفي سوى عاهل البلاد. ولا أحد من المسؤولين حاول إبعاد زيته عن نار الشارع ، سوى عاهل البلاد، فحتى الكوارث الطبيعية تنتظر تدخل عاهل البلاد للتخفيف من تبعاتها ، فهو محارب الفساد والكساد ، حامي العباد والبلاد يحل الأزمات ويتابع أشغال الحكومات. يدواوي المرضى ويواسي الموتى ، يعاقب الوزراء ويغير السفراء كل حسب إخلاله بواجبه …
فإذا كان هذا هو عاهل البلاد فأين الشعب ؟ أين هي إطاراته المدنية والنقابية والسياسية، أيننا جميعا ؟ أليس الساكت عن الحق شيطان أخرس ؟ .
بالأمس القريب كانت القوى ” الحية بالبلاد ” تعلق شماعات فشلها على الإرادة السياسية التي يبدو أنها كانت غائبة في عهد الحسن الثاني حسب ما كانوا يرددون. وتراهم ماذا بإمكانهم القول اليوم في ظل وجود إرادة سياسية واضحة المعالم ومعلن عنها من قبل عاهل البلاد لإصلاح أوضاع هذا البلد المعتل؟.
فإلى متى سنظل نحتسي كؤوس القهوة ونلعن الظلام؟و إلى متى سنترك عاهل البلاد يحارب لوحده من أجلنا ؟ إلى متى ..؟ وإلى متى …
إن تصحيح الأوضاع تقتضي الوحدة والتضامن ، والسير قدما ( بالفعل، لا بالأقوال ) وراء عاهل البلاد جنبا بجنب كل من موقعه خدمة للصالح العام ، ولنضع محاربة الفساد في مختلف مناحيه أولى أولوياتنا، ولنعمل على مطاردته أينما حل وإرتحل ،و لنكن قبل ذالك مقتنعين وواثقين من قدراتنا ،ولنعلن عن إنطلاقتنا معركتنا ولنقل جميعا باسم الله ونتوكل على الله ، وفي إنتظار ذالك لا يسعني إلى أن أطلب من الله التوفيق لنا ولكم في المهام الملقاة على عاتقنا.