لوطن.كوم
بقلم لخضر الورياشي.
الأسبوع الجاري عطلة بالنسبة إلى التلاميذ، سآخذ أبنائي إلى مسقط رأسي جبل بني سيدال، والسؤال:
هل سأحظى بدعاية إعلامية، وأتشرف بأعضاء (واه انزما)، يلتقطون معي صورا؟!
عفوا.. عفوا…
من أكون كي يحدث لي هذا الترف؟!
لست وزيرا سابقا أو لاحقا في فرنسا أو هولندا…
فلكي يحتفى بي وأنا أزور مسقط رأسي، أو مسقط دبري، يشترط أن أكون شخصا ناجحا في بلاد الغرب، لا يهم نوع النجاح، ولا نوع العمل، ولا نمط التفكير، ولا وسيلة العيش، ولا المذهب، ولا العقيدة، ولا الدين…
المهم النجاح في أوروبا وأمريكا، في العلم، في الأدب، في الفن، في الرياضة، في التهريج، في غسل الصحون…
لا يهم، لكن يجب أن تحمل جواز سفر أجنبيا، وترطن باللغة الأجنبية، وتجود على أبناء وطنك ببعض كلمات من لغتهم أو لهجتهم…!!
ماذا تقول؛ يمكن أن ننجح هنا، ثم إن لدينا وزراء وشعراء وأدباء وفلاسفة وفنانين وغاسلي الصحون والسيارات أيضاً؟!
لا.. يا ابن عمي، زامر الحي لا يطرب، والنبي لا كرامة له في وطنه… سر النجاح في الهجرة، والحكمة في الاغتراب، ووزير “فرنسي” أو “هولندي” ليس مثل وزير “مغربي” أو “ناظوري”!
وقوف الوزير الأجنبي عند الأطلال له معنى مختلف عن معنى وقوف الوزير المغربي؛ واسأل أساتذة تحليل النصوص الأدبية، فلهم دراية بالأطلال و(قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل.. وكم منزل يألفه الفتى وحنينه أبدا لأول منزل…)…
وحنين المغتربين أقوى من حنين المقيمين، وصورة الآثار القديمة في عيون السياح ليست كصورتها في عيون أهل البلد…
وكذلك الطاجين التقليدي له نكهة شهية نفاذة، وقيمة مضافة، على مائدة الوزير الفرنسي!
لا يكفي أن تكون ناجحا فقط، بل ضروري أن تكون ناجحا في بلاد الغرب.
وإياك أيها الوزير المغربي أن تخبر أهل الصحافة والإعلام أنك ستزور مسقط رأسك في قرية نائية أو جبل مهجور، أنت بالذات سوف يسخرون منك، ويلومونك على أنك لم تنفع قريتك في شيء، أو جبلك في أمر، وسيجعلون منك مادة للتنكيت، أو موضوعا للتبكيت، سواء كنت رجلا أو امرأة..
خليك في حالك، واحمد الله أنهم لا يتذكرون الأطلال إلا عندما يقف عندها الفرنسيون كلهم والمتفرنسون الناجحون!