ياسين الحسناوي
بقدر ما أشعر بالسعادة والفخر بتتويج سفيان البقالي بالميدالية الذهبية الأولمبية بعد فوزه بسباق 3000 متر موانع في أولمبياد باريس، بقدر ما أشعر بالأسف حيال هذا الفوز.
يبدو أنني أعيش حالة متناقضة بين الفرح والأسى، فالسعادة تتجلى في رفع راية الوطن وعزف النشيد الوطني في أعظم تجمع رياضي يشارك فيه الآلاف من الرياضيين من جميع أنحاء العالم.
لكن لماذا الأسف؟ ليس لأنني لا أحب هذا الوطن العزيز، بل على العكس، حبي لبلدي وموطني المغرب هو ما يدفعني للشعور بهذا الأسى. أردت، من شدة هذا الحب، أن يعود جميع رياضيينا من أولمبياد باريس بدون أي ميداليات، ليكون ذلك الصدمة التي تفتح أعين الجميع على الواقع المؤسف الذي تعيشه الرياضة والرياضيين المغاربة.
نحن بلد رياضي عريق، أنجب الأساطير مثل سعيد عويطة وهشام الكروج ونزهة بدوان ونوال المتوكل والقائمة طويلة، ولكن في أولمبياد باريس، بالكاد حصلنا على ميدالية واحدة يتيمة من بين أكثر من 60 رياضيًا في البعثة التي حلت في باريس للمشاركة في الاولمبياد، فكيف يمكن تفسير هذا الفشل؟ ببساطة، إنه أمر لا يعقل ولا يمكن قبوله.
هذا الإنجاز الفردي لسفيان البقالي لا يجب أن يغطي على الخلل الكبير الذي تعيشه الرياضة المغربية بشكل، يجب أن يكون هذا الفشل دافعًا لإجراء تحقيق شامل وتنظيف بيت الجامعات الملكية للرياضات من الفساد وسوء الإدارة، فهذه المؤسسات العموميةةتستنزف أموالًا طائلة دون تحقيق نتائج ملموسة.
ومن غير المقبول أن يستمر هذا الوضع في بلد يمتلك كل المؤهلات ليكون قوة رياضية على المستويين القاري والعالمي.. علينا أن نتوقف عن التستر على الفشل بالاعتماد على النجاحات الفردية، وهنا لابد وأن نتوجه الى جلالة الملك نصره الله او من ينوب عنه مثل الوزير المكلف بالشباب والرياضة، لمناشدته لإيجاد حل لهذه الجامعات او حلها من الاساس ما دامت عالة فقط، تستهلك ولا تنتج، تسنتزف وتستنزف الاموال الطائلة دون أدنى فائدة تذكر… يجب أن يكون هدف هذه الجامعات خلق بيئة رياضية تتيح للرياضيين تحقيق أفضل أداءاتهم وتمثيل الوطن بأفضل صورة في المحافل الدولية، وليس غير ذلك.
لذلك، ورغم سعادتي بإنجاز سفيان البقالي بطلنا الذي دخل دائرة الاساطير العظماء، يبقى الأسف مسيطرًا على مشاعري، لأنه يجب علينا أن نواجه الحقيقة المرّة ونعمل بجدية لإصلاح الرياضة المغربية، وهذا الإنجاز يجب أن يكون بداية لثورة رياضية تقودنا نحو مستقبل أفضل، وليس مجرد نقطة مضيئة في ظلام الفشل المستمر.