بقلم محمد الورياشي:
لا يزال خطاب العزلة والتهميش طاغيا في مفاهيم نشطاء الريف وفاعليه “السياسيين” ، بالرغم من التحولات التي شهدها المغرب في مختلف المجالات وضمنها منطقة الريف ، وهو ما لا يمكن أن ينكره إلا جاحد ، كما لا يمكن لنا بدورنا أن ننفي أن ورش الإصلاح لم يكتمل بعد ، كما أننا لن ننفي أن وضعنا أفضل من بعض المناطق المغربية التي لا يعلم إلا الله أن توجد وكيف يتعايش ساكنتها في ظل الغياب الكلي لأبسط ظروف العيش .
لنكن موضوعيين بعيدين عن المزايدات والشعارات الفضفاضة التي لن تغنينا من جوع، ولنقل بكل صراحة بأن مغرب محمد السادس ، حديث الولادة ، وأن مكاسب متعددة تحققت دون ضغط، فالضغط غالبا ما يولد الإنفجار ولنا من التجارب في مختلف مناطق المغرب للّإستدلال بها .
حقا الدولة أعلنت مصالحتها مع منطقة الريف ” المغضوب ” عليها في عهد الراحلين، وأعلنت من خلال هيئة الإنصاف والمصالحة عن جملة من القرارات والتدابير ، تم تفعيل البعض من توصياتها في حين لم يتم تفعيل البعض و البعض الآخر كان أعرجا ، وكان لا بد من المواكبة من قبل الهيآت المدنية والسياسية من أجل جبر الضرر لساكنة المنطقة.
خارج هذا الإطار الذي كان منطلقا لجبر الضرر الجماعي من خلال مشاريع تنموية للمنطقة وساكنتها ، كانت لزيارات الملك لمختلف مناطق الريف إيجابيات متعددة من خلال مشاريع تنموية لم يسبق وأن أثيرت من قبل من يوصفون بممثلي الساكنة ونشطائها، والذين كانوا في أقصى الحالات يطالبون بربط مناطق الريف بشبكة الإنارة والماء وتعبيد بعض الطرقات القروية وهو ما تزال شاهدة عليه بعض الطرق الرئيسية المتآكلة ..
لنكن صرحاء مع أنفسنا قبل غيرنا ، وأتوجه بالحديث خصوصا لمن عايشوا الراحل الحسن الثاني ، وعاشو في ريف عهده، ولنطرح سؤولا واحدا مع أنفسنا .هل تغيرت ملامح الريف نسبيا ؟ وهل كنا نحلم بما تحقق أو كان ذالك ضمن أجندات مناضلينا ؟ وهل حقا لازلنا نشتكي من الوحدة وأن شبكات الطرق الرابطة بين مختلف المناطق المغربية و ريفنا منقطعة أو مهترئة …
أعود لؤئكد عن الموضوعية لأقول أن تحسنا حصل ، وأننا مطالبون بالرصانة أكثر من أي وقت مضى حتى لا نفوت الفرصة في تنمية حقيقية ومستدامة للمنطقة وأبنائها ، فالمجتمع المدني مطالب بتشخيص الأوضاع وتقديم المقترحات والترافع دفاعا عن الحقوق المشروعة لأبناء الريف .
فقد أبان حراك الريف عن السخط الحاصل من قبل ساكنة المنطقة عن حكومات هذا البلد ، كما أظهر مدى إستخفاف الأخيرين بساكنة الريف من خلال تهريب مشاريع ، والتهاون في تنفيد البعض الآخر ، وغيرها ، كما أبان من جهة أخرى غياب ملف مطلبي حقيقي يستجيب لحاجيات الساكنة يكون سقفه أكبر وأدق من مشروع ” الحسيمة منارة المتوسط ” المتلاعب فيه من قبل مسؤولين حكوميين أتخذ في حقهم المتعين ، وقد نختلف في القرارات المتخذة وطبيعتها .
إننا نرى أن مشكل الفساد المتعشش داخل مختلف مؤسسات الدولة مركزيا ومحليا ، يعد أكبر عائق للتنمية الحقيقية ، فهو عدونا الأول وصديق أعدائنا ممن يحاولون الزج بنا وبالمنطقة ، ونسف مسلسل المصالحة الذي أطلق سنة 1999 .
لقد أكدت مصادر متعددة ومن خلال مصادر متنوعة أن الريف وخلال سنوات الجمر ، كان ضحية للوشايات الكاذبة ، والمعطيات الزائفة ، وهو ما يحاول أعداء الوطن توظيفه حتى في الوقت الراهن بالرغم من الإختلاف الحاصل في الومن وما يحمله من تحولات ، فالحيطة والحذر مطلوبان ، كي لا نعيش وحيدين معزولين حقا بالرغم من إستحالة الأمر، لأسباب متعددة على رأسها إرادة ملك البلاد ضامن وحدتها وإستقرارها .
نحن مطالبون بالوحدة وتغليب العقل في طرح قضايانا وإنشغلاتنا ، مطالبون بالتكتل لمحاربة الفساد وفضح المفسدين ، مطالبين بتعلم ثقافة الترافع عن قضايانا والتشبع بثقافة التقاضي ، والنقد البناء ، مطالبين بالمصالحة مع ذواتنا وإخواننا بالريف قبل الدولة ، والإبتعاد عن الخطاب التيئيسي الذي لن يزيدنا إلا بؤسا .
فواقع الحال لا يبشر بخير في ظل إنزواء العقلاء والحكماء من أبناء المنطقة ممن تركوا ساحة النضال فارغة بعد أن داقوا العذاب ، وإغتنى البعض ممن يصنفون أنفسهم ضمن خانة النشطاء الذين إستفادوا من كعكة المخزن التقليدي .
إن المطلوب يقتضي من ممثلي الحكومة ، الإنفتاح وفتح الأبواب أمام هؤلاء من الغيورين الحقيقيين على هاته المنطقة ، الوطنيين ممن لا يروق لممثلي هاته الحكومات الإستماع لهم أو رؤية سحنتهم التي إنكمشت بفعل عدم رضاهم عن واقع الحال ، وعن جيل العهد الجديد .
فالتعاطي مع مختلف الهزات التي تعرفها منطقة الريف من قبل عمال الناظور أو الحسيمة أو غيرها من مناطق الريف ، لا يزال تقليديا ويعتمد على الإنزالات وملء كراسي قاعات الإجتماعات بمن يجيدون التصفيق في وجه مسؤولي هاته الدولة التي يحاول البعض وضع العصا في عجلة تنميتها.
فإلى الكل أتوجه بنداء وقد يقول قائل من تكون ؟
أنا مواطن مغربي أريد الرقي لمنطقة الريف التي أنتمي إليها في مختلف المجالات ، أطمح لأن يعيش أبنائي آمنين في هذا البلد متمتعين بكافة حقوقهم المكفولة دستوريا ، أنا مواطن مغربي لي واجبات وأنتظر الحقوق …
أتوجه للجميع كل من موقعه مسؤولين وسياسيين ونقابيين وجمعويين وكل مواطن يمتلك حس الغيرة على وطنه ، إلى العمل بصدق وتجرد على تحقيق التنمية والتطور لهذا البلد، ولكم جزيل الشكر من الأجيال القادمة .