أنمون : (و م ع)
شاءت تصاريف القدر أن يستقبل أفراد الجالية المغربية المقيمة في الولايات المتحدة شهر رمضان الفضيل هذه السنة في ظل أوضاع استثنائية فرضها تفشي وباء كورونا على نطاق واسع، لكن ذلك لم ينل قط من تشبثهم الأصيل بقيم التكافل والتآزر التي تطبع سلوك المغاربة حيثما وجدوا، سواء تجاه بني جلدتهم أو مع غيرهم من أبناء الجاليات المسلمة وغير المسلمة.
صحيح أن إغلاق المساجد والمراكز الدينية في شهر رمضان الكريم أمر جلل بالنسبة للمغتربين الذين يعد الشهر الكريم بالنسبة لهم مناسبة متفردة من حيث حمولتها الروحية وأجوائها الربانية، والتي لن يعوضها بأي حال من الاحوال إقامة الشعائر داخل البيوت ، إلا أنهم يعوضون افتقادهم لهذه الاجواء التعبدية بانخراط قوي وسخي في مبادرات ترسخ البعد التضامني المنسجم مع مقاصد شهر الصيام والقيام، وتمد يد العون للأسر المعوزة وبعض الفئات الهشة في هذا الظرف الإنساني الصعب الذي فرضته الجائحة.
وبالنسبة للعديد من الأسر المغربية والفاعلين الجمعويين من أبناء الجالية المغربية، يعد شهر رمضان فرصة لإبراز الوجه الآخر للأزمة ، والمتمثل في التعاضد والتلاحم وقت الشدائد وإبراز القيم السامية للإسلام.
وتقدم الفاعلة الجمعوية نوال العمري الرسيمي التي ترأس جمعية “أيادي ممدودة” بولاية فرجينيا، نموذجا مضيئا في هذا الباب، لما تقوم به من مبادرات تضامنية على مدار العام وليس في المناسبات الدينية فقط.
وقالت الرسمي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء إن الظروف الاستثنائية التي تعيشها الولايات المتحدة ،البلد الأكثر تضررا من جائحة كوفيد19 في العالم، “أثرت نوعا ما على استعدادات الأسر المغربية للشهر الفضيل وعلى زخم المبادرات التضامنية التي تميز عادة هذه المناسبة الدينية جراء تدابير الحجر الصحي التي ألزمت السكان بيوتهم وحدت من قدرتهم على التنقل”.
وأضافت أن الجمعية ركزت بشكل خاص على إعداد الوجبات والحلويات والفطائر لفائدة بعض الطلبة المغاربة الذين حرموا جراء توقف حركة النقل الجوي من المؤن التي تصلهم عادة في هذه المناسبة الدينية من ذويهم في المغرب، فضلا عن مساعدة عدد من المواطنين المغاربة العالقين.
ونوهت الفاعلة الجمعوية بالتجاوب الكبير لأفراد الجالية المغربية في ولاية فرجينيا وغيرها من الولايات الأمريكية مع مختلف المبادرات التضامنية، معتبرة أن ذلك “يقدم صورة إيجابية عن المغتربين المغاربة في أوساط المجتمع الأمريكي المتعدد الأعراق والديانات”.
وفي منطقة بروكلين أطلق “المركز الإسلامي للساوث بروكلين” مبادرة تضامنية لدعم الأسر المغربية وباقي الجاليات المسلمة المتضررة من جائحة كورونا تحت شعار “نحن أسرة واحدة”.
ولقيت هذه الحملة تجاوبا لافتا عكسه حجم المواد الغذائية والمؤن التي تم تجميعها وتوزيعها على المحتاجين.
مبادرة مماثلة أقدم عليها مجموعة من الشباب المغاربة في بوسطن كبرى مدن ولاية ماساشوستش وهمت توزيع مئات الوجبات الغذائية التي يقومون بإعدادها وتوزيعها على المحتاجين بالمدينة والمناطق المجاورة لها مرتين في الاسبوع مع ضمان خدمة التوصيل للذين يتعذر عليهم مغادرة بيوتهم.
وفي ولاية كارولينا الشمالية خصت الجالية المغربية الأشخاص بدون مأوى بالتفاتة نبيلة مع مقدم شهر رمضان المبارك، حيث تم توزيع الوجبات والمواد الغذائية عليهم وهي مبادرة لقيت استحسانا كبيرا من قبل الساكنة.
مرة أخرى، وفي ظل أزمة صحية واقتصادية واجتماعية غير مسبوقة، يظهر المعدن الأصيل للجالية المغربية في أمريكا التي تستثمر المناسبات الدينية لتأكيد تشبعها بتعاليم الدين الإسلامي التي تحث على التضامن والتآخي وفعل الخير لاسيما زمن الشدائد والكروب، وذلك من خلال أشكال تضامنية مختلفة تكسبها مزيدا الاحترام والتقدير بين الجاليات الأخرى ولدى مواطني بلد الاستقبال.