لا حديث في طنجة خلال الأيام الماضية يطغى على قصة اختفاء الطفل عدنان بوشوف الذي لم يتجاوز بعد ربيعه الثاني عشر، والذي غاب عن الأنظار من وسط حيه في واضحة النهار وأمام أعين كاميرات المراقبة التي رصدته لآخر مرة وهو يمشي إلى جانب شخص مجهول لا توجد أي مؤشرات حتى اللحظة على توصل أجهزة الأمن إلى هويته.
فيوم الاثنين 7 شتنبر الجاري في حوالي الساعة الثالثة والنصف بعد الزوال، خرج عدنان من منزل أسرته بحي مارتيل بمنطقة “الزموري” من أجل اقتناء دواء، وهي العملية التي اعتاد الطفل القيام بمثلها كثيرا كون أن الصيدلية غير بعيدة عن مسكنه، لكنه هذه المرة ذهب ولم يعد دون أن يترك وراءه أي أثر يدل على ما حدث بعد ذلك.
سريعا، وبعد أن تأكدت أسرة الطفل بأن تأخره عن العودة إلى المنزل لم تعد طبيعية، بدأت بمساعدة بعض سكان الحي عملية البحث عنه، ليؤكد لها عامل بإحدى مخبزات المنطقة أنه مر من أمام المحل ولا بد أن تكون كاميرا المراقبة قد التقطت صورته، وهو الأمر الذي دفع الأسرة إلى طلب معاينة الفيديو ما سيكشف عن مفاجأة.
وظهر الطفل وهو يمشي جنبا إلى جنب رفقة شخص تبدو ملامحه واضحة في الشريط، والغريب أن عدنان كان يرافقه باطمئنان دون أن يظهر ما يشي بأنه مختطف، بل الأغرب أنه بدا وكأنه يعرف مرافقه عن قرب في الوقت الذي أكد فيه والده وباقي أفراد عائلته الذين أطلقوا عملية البحث أنهم لا يعرفون الشخص الظاهر في الفيديو.
ولم ينتظر العديد من النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي كثيرا قبل أن يشرعوا في حملة لتعميم صورة الطفل ومعلومات عنه، ثم انتشرت بعد ذلك الصورة الأخيرة التي رصدته وتُظهره إلى جانب مرافقه الذي أصبح المشتبه فيه الأول، وحينها اعتقد الكثيرون أن الأمر أصبح مسألة وقت فقط حتى تهتدي عناصر الشرطة إلى هوية المعني بالأمر وتكشف حقيقة هذا الاختفاء الغامض.
لكن القصة أبت إلا أن تزداد غرابة وتعقيدا، فطيلة 4 أيام كاملة عجزت مصالح الأمن عن حل لغز هذه الواقعة، في الوقت التي يؤكد فيه أب المختفي عبر نداءاته التي انتشرت كالنار في الهشيم عبر المواقع الإخبارية ومنصات التواصل الاجتماعي، فرضية “الاختطاف” داعيا من شاهد ابنه أو الشخص الذي كان يرافقه إلى التواصل معه أو مع الشرطة.
وأمس الخميس دعا مجموعة من النشطاء المدنيين إلى تنظيم حملة بحث “شعبية” وسط الحي الذي اختفى منه الطفل وهي المبادرة التي استجاب لها الكثير من المتفاعلين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنهم تراجعوا عن الفكرة بعدما قالوا إن والد عدنان طلب منهم إلغاءها لفسح المجال أمام مصالح الأمن للقيام بعملها دون تشويش، لعلها تستطيع حل لغز هذا الاختفاء المحير.