جلسة عاصفة تلك التي شهدها أمس الخميس مجلس النواب الإسباني بعد مقترح تقدمت به 3 أحزاب يمينية رئيسية لإنشاء لجنة بين الوزارات بشأن موضوع إغلاق المغرب لحدوده مع مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وذلك بعدما نص المقترح على ضم وزارة الدفاع إلى تلك الوزاراة، وهو ما عارضته بشدة أحزاب اليسار التي اعتبر بعضها أن هذا الأمر يمثل “نهج إثارة حرب” مع المغرب.
وقدم الحزب الشعبي اليميني وحزب “سيودادانوس – المواطنون” الذي يمثل يمين الوسط، إلى جانب حزب “فوكس” اليميني المتطرف، مقترحا لإنشاء لجنة مشتركة برئاسة وزارة الخارجية تُمثَّلُ فيها وزارات الداخلية والمالية والصناعة والتجارة والسياحة والتعليم والتكوين المهني والصحة، تعمل على ما اعتبرته “القرار الأحادي الجانب بإغلاق الحدود مع سبتة ومليلية وسياسة إغراق المدينتين”، لكن “فوكس” طلب أيضا إضافة وزارة الدفاع إلى القائمة، وهو ما وافق عليه حليفاه.
واعتبرت أحزاب اليمين الإسباني أن هذه الخطوة ضرورية للوصول على رؤية حول الإجراءات التي قام بها المغرب ولاقتراح حلول تضمن استدامة الحياة في كلتا المدينتين، على اعتبار أن الرباط اتخذت خطوات تؤثر في السير العادي لحياة مواطني سبتة ومليلية بشكل “يخل بمبادئ حسن الجوار والاتفاقيات الموقعة بين البلدين”، وهو ما يفرض على الحكومة المركزية، حسب تلك الأحزاب، “التعبير عن موقفها بهذا الشأن”.
وأدى هذا المقترح إلى جدل شديد داخل لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب الإسباني، بسبب رفض الأحزاب اليسارية المكونة للحكومة أو الموالية للتحالف اليساري المكون من الحزب العمالي وحزب “بوديموس – نستطيع” الراديكالي، لدرجة أن بعض النواب بلغوا حد اعتبار خطوة إدراج وزارة الدفاع ضمن تشكيلة اللجنة شرارة لـ”إعلان الحرب” ضد المغرب.
واتفقت المجموعة البرلمانية للجمهوريين والأحزاب القومية الكتالانية مع حزبي العمال وبوديموس على رفض هذا المقترح، حتى إن نائبة عن المجموعة الجمهورية وصفت الأمر بأنه دعوة للحرب، وبكون الحديث عن “النهج الاستعماري” للمغرب يمثل استفزازا لهذا الأخير، على الرغم من إقرارها بأن الخطوات التي اتخذتها الرباط تؤثر على مدينتي سبتة ومليلية، وهو النهج نفسه الذي سار عليه حزب “بوديموس” الذي طالب بالدفاع عن حقوق العمال داخل المدينتين عوض الترويج لخطاب المواجهة.
وأورد نائب الحزب أن “المغرب شئنا أم أبينا أطلق دفعة قوية للنهوض بإقليم المضيق الفنيدق المجاور لسبتة، ولاسيما فيما يخص البنية التحتية، وهو الأمر الذي سيؤثر اقتصاديا على المنطقة” معتبرا أن هذا الواقع تتحمل مسؤوليته أيضا الحكومات المتعاقبة على تدبير المدينتين على الرغم من توفرهما على ميزانيات كبيرة.
أما الحزب الاشتراكي العمالي الذي يقود الحكومة، فعاد إلى سنة 2013 حين كان ماريانو راخوي، الزعيم السابق للحزب الشعبي رئيسا للحكومة، حيث رفض فكرة الاندماج الجمركي مع المغرب في سبتة ومليلية، مضيفا عبر إحدى نائباته أن الحكومة الإسبانية تستجيب بالفعل لنداءات سكان المدينة “لكن إذا تعمقنا أكثر نفهم أن المشكلة سببها كسل وإهمال حكومات الحزب الشعبي للمدينتين”.