“سنة الباكالوريا تكون حاسمة في مستقبل كل تلميذ. معظم التلاميذ يضعون النجاح في الإمتحان الوطني بأعلى نقطة ممكنة هدفا واحدا صوب أعينهم طيلة السنة. أما أنا فلم يكن لدي هدف واحد فقط. بل ثلاثة أهداف، النجاح بأعلى معدل ممكن، الحصول على منحة دراسية دولية وإطلاق مشروع يغير حياة ساكنة مدينتي.. وفي الأخير تمكنت من فعل ذلك،” يقول أيمن برغدوش، الذي يمثل المغرب وإفريقيا في مسابقة الإبتكار والمقاولات الشابة التي تنظمها منظمة (JA WORLDWIDE) الأمريكية.
أيمن لا يتجاوز عمره 18 عاما، لكنه أثبت أنه ليس هناك سن محدد لولوج غمار الأعمال والمقاولات. بل يكفي أن تكون لديك أفكارا قابلة للتطبيق، ويمكنها تحقيق التغيير في المجتمع.
واستطاع ايمن، الذي ينحدر من مدينة الناظور ويتابع دراسته في الهندسة المعمارية في جامعة فالنسيا الاسبانية، ان يصل إلى مرحلة نصف النهائية في مسابقة الإبتكار والمقاولات الشابة العالمية، التي تنظمها منظمة (JA WORLDWIDE)، وذلك باختراعه لجهاز لتصفية الماء وجعله صالحا للشرب.
يقول أيمن في حوار خاص مع موقع القناة الثانية إن هذه الآلة توضع في الماء المعكر، وتقوم عبر نظام للتصفية بتنقيته من جميع الميكروبات والجراثيم في وقت قياسي لجعله صالحا للشرب.
وبالرغم من أنه يتقدم على باقي المتنافسين التسعة الآخرين على المراكز الثلاثة المؤهلة إلى النهائي الذي سيقام بفيينا، إلا أن ايمن برغدوش يدعو المغاربة إلى دعمه بكثافة والتصويت لصالحه بكثافة، بغية الظفر بجائزة المسابقة العالمية التي تخول له انشاء مشروعه علما ان عملية التصويت تتجدد بالنسبة الى الفرد الواحد كل 12ساعة، وهو ما يخول التصويت عدة مرات الى غاية 15 يونيو 2019.
اختمار الحلم.. الحاجة أم الإختراع
بدأت الفكرة، يقول أيمن، خلال السنة الثانية باكالوريا سنة 2017، حين قررت رفقة 17 زميل لي في الدراسة المشاركة في مسابقة برنامج “إنجاز”، التابع لمنظمة (JA WORLDWIDE) الأمريكية، حول المسابقات الشابة.
“كل واحد منا اقترح فكرة، لكن في الأخير وافق الجميع على فكرتي بإنجاز جهاز لتصفية المياه،” يقول أيمن الذي أشار إلى أنه اهتدى إلى الفكرة بسبب معاناة ساكنة الناظور مع ماء الصنابير، الذي يصل إلى المنازل بلون أصفر غير اعتيادي. “وبما أن ليس كل ساكنة الناظور قادرين على شراء قارورات الماء المعدني، وجت هناك ضرورة من أجل ابتكار آلة بسيطة وغير مكلفة من أجل معالجة المياه وجعها قبالة للشرب،” يضيف نفس المتحدث.
اشتغل أيمن على تصميم هذا الجهاز رفقة باقي زملاءه، موضحا ان الفكرة كانت تقوم في الأول على تصنيع هذه الآلة كليا بمواد إعيد تدويرها من النفايات، لكن فشلت هذه المساعي بسبب عدم توفر المواد الأولية، وهو ما دفع أيمن ورفاقه إلى تصنيع الآلة بالإعتماد على مواد طبيعبة في نظام التصفية، وعلى البلاستيك بالنسبة لغطاء الآلة الخارجي.
“تطلب الأمر أكثر من ثمانية أشهر من أجل إنهاء التصميم وصناعة النسخة النهائية من الآلة،” يقولى أيمن، الذي أوضح أنه كان قائد المجموعة وهو من يدفع بالمشروع إلى الأمام في اللحظات التي كانت تعرف تهاون بعض الزملاء وانشغالهم بالباكالوريا. “آمنت بالفكرة، ففي النهاية هي فكرتي، وأردت لها أن تخرج إلى الوجود مهما كان الأمر صعبا،” يقول أيمن، مردفا: “كنت تحت ضغوط كبيرة. فبالإضافة إلى هذا المشروع، كان والدي ينتظر مني الحصول على معدلات عالية في الباكالوريا حتى أتمكن من الفوز بالمنحة التي يوفرها البنك المصرفي الذي يشتغل فيه والدي لفائدة ابناء الموظفين. هذه المنحة كانت تُعطى لفائدة التلاميذ أصحاب أعلى 20 معدلا على الصعيد الوطني في الباكالوريا.”
وبالرغم من صعوبة المهمة، فإن أيمن واجه المستحيل، وثابر حتى تمكن من إخراج مشروعه إلى الوجود، وتمكن أيضا من الحصول على المنحة التي خولت له الذهاب إلى جامعة فالنسيا الاسبانية حيث يدرس الهندسة المعمارية.
حلم يتحقق.. ولكن
بعد الإنتهاء من تصميم الآلة، كان يجب على أيمن ورفاقه الشروع في التسويق. يقول أيمن إن تصنيع الآلة الواحدة يُكلف حوالي 130 درهما، فيما “قررنا بيعها بـ 200 درهم.”
“في الأول تحدثنا إلى إدارة أحد مراكز التسوق الكبيرة بالمدينة، وطلبنا منهم تخصيص خيمة لنا داخل المركز من أجل تسويق الآلة وشرح كيفية استعمالها للمستهلكين، وهو ما وافقت الإدارة عليه،” يقول أيمن، مضيفا أن الآلة نالت استحسان الزوار، وهو ما شجعهم على تسويقها عبر مواقع التواصل الإجتماعي. “حققنا أرباحا جيدة، وشعرت في تلك اللحظة أن حلمي تحقق. لكننا خسرنا نهائي مسابقة إنجاز للمقاولات الشابة، بالرغم من أن مشروعنا كان هو الأكثر دخلا. لأن لجنة التحكيم فضلت المشاريع التي تعتمد على الأفكار المبتكرة، عوض الأفكار التي تعود بالأرباح،” يحكي أيمن لموقع القناة الثانية.
ورغم الخسارة، فإن أيمن لم يشعر بالإحباط، إذ يقول إن الفوز بالمسابقة ربما كان هو الهدف بالنسبة لزملائي، لكن “بالنسبة لي كان الهدف هو إطلاق مشروع يمكنه أن يؤثر إيجابيا على حياة المجتمع.” وأشار أيمن إلى أن مقاولته متوقفة الآن، لكنه يعمل على إعادة إطلاقها في الوقت المناسب، ربما بعد الفوز بمسابقة لإبتكار والمقاولات الشابة التي تنظمها منظمة (JA WORLDWIDE) الأمريكية.
وختم أيمن حديثه لموقع القناة الثانية موجها كلامه إلى الشباب قائلا إن قصته تُثبت أنه لا يوجد هناك حدود للطموح، وأنه يمكن تحقيق مجموعة من الأهداف في نفس الوقت. “فبدلا من أن تقول سأعمل على إطلاق مشروعي بعد إنهاء دراستي، يمكنك في الواقع أن تُطلق مشروعك حتى قبل إنهاء دراستك. يكفي فقط أن تكون لديك الأفكار، أن تؤمن بها وأن تثابر من أجل تحقيق أحلامك بنفسك.”