كانت الشهور والأسابيع التي سبقت الانتخابات الرئاسية الأمريكية، حُبلى بتوقعات محللين سياسيين عالميين مهتمين بشؤون الشرق الأوسط، أن المغرب سيكون من ضمن البلدان التي ستوقع اتفاقية تطبيع العلاقات مع إسرائيل، بعد الإمارات العربية المتحدة والبحرين، وقليل هي التحليلات التي كانت تتوقع عكس ذلك.
لكن بعد مرور الوقت وانطلاق عملية الاقتراع في الولايات المتحدة الأمريكية التي دامت أياما بين التصويت وفرز الأصوات، وإعلان جو بايدن الرئيس السادس والأربعون للولايات المتحدة الأمريكية، أمس السبت، خلفا للجمهوري المثير للجدل دونالد ترمب، أثبتت الوقائع المتعلقة بقضية تطبيع العلاقات مع إسرائيل في ارتباطها بالمغرب، أنها توقعات خاطئة جدا.
المغرب لم يكن من ضمن البلدان التي دفعتها إدارة دونالد ترمب لتوقيع اتفاقية “السلام” مع إسرائيل، الإمارات والبحرين والسودان، وبالتالي خالف أغلب التوقعات، وأثبت بالمقابل توقعات إدوارد غابرييل، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة الأمريكية بالمغرب ما بين 1997 و2001، في مقال رأي نشره على موقع “The Hill” الأمريكي، منذ أسابيع قبل انطلاق الانتخابات الأمريكية.
وقال غابرييل في مقاله الذي عنونه بـ “لماذا يرفض المغرب تطبيع علاقاته مع إسرائيل”، بأن هناك سببين رئيسيين يُحتمل بقوة أن يمنعا المغرب من توقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل، الأول هو أن الملك محمد السادس يدعم باستمرار اتفاقية سلام بين فلسطين وإسرائيل أولا قبل أي اتفاق سلام آخر. والثاني هو أن المغرب ربما لا يريد أن يقوم بأي خطوة في هذه الأوقات التي تتزامن مع الأجواء الانتخابية في الولايات المتحدة.
وأضاف السفير الأمريكي المذكور بخصوص السبب الثاني الذي يعتقد أنه يقف في وجه أي تطبيع للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، أن المغرب دأب على عدم الانحياز لأي طرف خلال الانتخابات الأمريكية، وفي ذات الوقت يريد دائما أن يكون مع الطرف الذي يكون صديقا للمغرب لتحقيق المكاسب المرجوة، وبالتالي فإن أفضل حل للمغرب هو انتظار نتائج الانتخابات الأمريكية قبل الإقدام على أي خطوة مصيرية.
ويتضح من خلال قراءة السفير الأمريكي إدوار غابرييل، لقضية تطبيع المغرب للعلاقات مع إسرائيل، أن تحليله كان في محله، فالمغرب يبدو جليا أنه ابتعد عن حشر نفسه في أي نقاشات متعلقة بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في الفترة السابقة التي تزامنت مع اقتراب الانتخابات الأمريكية، نظرا لعدم معرفة آفاق تلك الخطوة في حالة حدوث تغيير في الإدارة الأمريكية وسياستها الخارجية.
ويبقى السؤال المطروح الآن، بعد فوز جو بايدن برئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، هل سيسير على نهج سلفه ترامب، في مسألة الضغط على الدول العربية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل، بما فيها المغرب، أم سيكون للإدارة الجديدة رأي أخر؟