الملك يتوصل بمقترحات “رسمية” لدعم ممتهني التهريب المعيشي

12 نوفمبر، 2020 - 16:00 الريف الكبير تابعونا على Lwatan

قدم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئة، في تقريره السنوي المرفوع للملك والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 6928 بتاريخ 22 أكتوبر 2020، عددا من المقترحات التي تروم دعم ممتهني التهريب المعيشي عبر البوابتين الحدوديتين سبتة ومليلية، وذلك في إطار استكشاف بعض مسالك العمل التي تجمع بين احترام الحقوق المقاربة التنموية للمناطق الحدودية.

واعتبر المجلس، توصياته المرفوعة للملك بمثابة بناء رؤية يقترحها على السلطات العمومية تروم دعم ممتهني التهريب المعيشي، ولاسيما النساء منهم، في اتجاه مزاولة أنشطة منظمة، ومن أجل تحقيق تنمية اقتصادية في المناطق المعنية أكثر.

وتمر هذه الرؤية بالضرورة عبر اعتماد إستراتيجية تروم إعادة تحويل بيئة التهريب المعيشي إلى أنشطة منظمة، وعبر إيجاد حلول مناسبة كفيلة بتقديم بدائل مستدامة للساكنة المحلية في المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية.

وفي هذا الصدد، أوصى المجلس باعتماد ثلاث مجموعات من التوصيات، ذات الصلة بالمشاكل الناجمة عن إغلاق المعبرين الحدوديين. المجموعة الأولى من هذه التوصيات ذات طبيعة عرضانية تتعلق بنمط الحكامة. ذلك أن هذه الأخيرة تعتبر شرطا لازما لنجاح أي إستراتيجية في هذه المناطق لاستعادة الثقة.

وترتبط المجموعة الثانية بالتدابير على المدى القصير حيث تهدف إلى خلق فرص للأشخاص الذي فقدوا عملهم، سواء كتجار أو كممتهنين للتهريب المعيشي، بعد إغلاق نقاط العبور، أما المجموعة الثالثة من التدابير فترتبط بالمدى المتوسط- الطويل، وتسعى إلى النهوض بالتنمية في هذه المناطق، من خلال اقتراح مسالك إستراتيجية تهدف إلى الحد من الفوارق على مستوى التنمية الاجتماعية والاقتصادية مع الجار الاسباني، وتوفر الشروط اللازمة لتحسين جاذبية هذه المنطقة.

وينبغي على مستوى الحكامة، وفقا لمقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، أن تندرج عملية تنمية المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية في إطار استراتيجية مندمجة تحل محل العمل المعزول، ومحل الطابع المشتت للعمليات التي تم تنفيذها حتى الآن. كما ينبغي أن تحدد هذه الاستراتيجية آجال التنفيذ، والعمليات المبرمجة ذات الاولوية لتلبية الحاجيات التي عبرت عنها ساكنة المناطق المعنية، وكذا الأهداف المزمع بلوغها، والمؤشرات التفصيلية لتتبعها.

وسيتطلب تنفيذ هذه الاستراتيجية حسب المجلس، تشكيل هيئة قيادة مكلفة بمسؤولية الاضطلاع بدور “وحدة التنفيذ” لضمان تحقيق الأهداف المسطرة في المواعيد النهائية المعلنة. على أن تتجنب هذه الحكامة الجديدة الأسباب والممارسات لتجاوز خلق أي خيبة أمل أو إحباط في صفوف ساكنة المناطق المستهدفة، الأمر الذي يفضي إلى تأخير تحقيق أهداف الاستراتيجية. وقال المجلس إنه ينبغي تنفيذ هذه الأخيرة في إطار التشاور والتشارك والتواصل الشفاف.

علاوة على ذلك، أوضح المجلس، أن دور المجتمع المدني أساسي في عملية إعداد هذه الاستراتيجية وتنفيذها وتتبعها وتقييمها. كما تتجلى أهمية دوره في تحسيس ومواكبة الأشخاص الذي فقدوا عملهم، من أجل تحديد مؤهلاتهم قصد إدماجهم في الدينامية التنموية الجديد، بما في ذلك تأطير الساكنة المعنية في عملية التشاور والتنسيق مع السلطات العمومية.

وعلى المدى القصير، فقد أوصى المجلس بإعداد حلول بحسب الفئات السوسيو –مهنية للمناطق المعنية، مؤكدا أن كبار التجار الذين تمكنوا من مراكمة الأرباح في السنوات الأخيرة عن طريق التهريب، لا يواجهون بالتالي مشاكل على صعيد الرأسمال، فإن مشاريع من قبيل مشروع منطقة الأنشطة الاقتصادية، التي أطلقتها السلطات العمومية مؤخرا في منطقة المضيق الفنيدق، ستكون جد ملائمة.

وفضلا عن التحفيزات الضريبية التي يمكن أن توفرها هذه المنطقة إذا ما تم تخويلها صفة المنطقة الاقتصادية الحرة، فسيستفيد أصحاب الأنشطة التجارية من إيجار تفضيلي لمستودعاتهم. وعلاوة على ذلك فهناك نوع آخر من التدابير يتجلى في توفير المواكبة لفائدة أصحاب الرأسمال، الذي لم يعودوا يرغبون في مزاولة هذه التجارة، في مجال الاستشارة والتوجيه على مستوى فرص الاستثمار في المناطق، تماشيا مع الفرص المحددة في برامج التنمية الجهوية، ويمكن للمراكز الجهوية للاستثمار أن تضطلع بهذا الدور بتعاون مع الجهات والوكالة الوطنية لإنعاش المقاولات الصغرى والقطاع البنكي.

وبالنسبة للتدابير الخاصة بمجموع المستثمرين الوطنيين والأجانب، أوصى المجلس بمنح تحفيزات ضريبية وتمويلية، وتبسيط الإجراءات الإدارية أكبر قدر ممكن أمام المقاولات الوطنية، تشجعيا لها على التوسع في المناطق المحاذية لسبتة ومليلية.

ودعا التقرير السنوي للمؤسسة الدستورية السالف ذكرها، منح دعم لمدة سنتين لفائدة المقاولات الوطنية التي أنشأت فروعا تابعة لها في المناطق المعنية، من أجل تحمل كلفة نقل السلع أو المدخلات بين المقاولة الأم وفرعها في المناطق المحاذية للثغرين. إضافة إلى تخويل تحفيزات ضريبية لفائدة المقاولات الوطنية لكل منصب شغل يتم إحداثه على الصعيد المحلي في المناطق المحاذية للثغرين.

ودعا أيضا، إلى تفعيل الدبلوماسية الاقتصادية واليقظة الاستراتيجية لجلب الصناعيين الأجانب إلى المناطق المحيطة بالثغرين المحتلين، ولاسيما من اسبانيا والبرتغال، وبالأخص من المملكة المتحدة في سياق خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، ويجب أن تخضع العقود مع المستثمرين الأجانب لبنود التعاون الأولي مع المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة على الصعيد المحلي، واستخدام المدخلات المحلية، ويتعين تقديم تحفيزات لتشجيع خلق المشاريع الصناعية المشتركة بين المستثمرين الأجانب والمقاولات الصغرى والمتوسطة على الصعيد المحلي.

وبالنسبة للتدابير الخاصة بالأشخاص الذين يزاولون مهنة التهريب المعيشي، أوصى المجلس بتوفير منتوجين فرعيين من منتوجات “انطلاقة” موجهين خصيصا إلى ساكنة المناطق المحاذية لمدينتي سبتة ومليلية، الذين يكسبون رزقهم من امتهان التهريب، وسيتم تكييف المنتوجين الفرعيين تبعا للمستوى الدراسي والشهادة المحصل عليها، وصياغتهما في شكل مجموعة من الخدمات.

ويراهن المجلس، على فروع الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كحل لدعم ممتهني التهريب، وذلك من خلال الرفع من عدد التعاونيات، ولاسيما النسائية منها والناشطة في المجال الفلاحي والمنتجات المحلية والصناعة التقليدية، هذا فضلا عن توفير آلية للحماية الاجتماعية في شكل تحويلات نقدية شهرية لفائدة الأشخاص الذي كانوا يمتهنون التهريب المعيشي لكن سنهم لم يعد يسمح لهم اليوم بمزوالة هذه المهنة او أنهم أصبحوا غير قادرين على ذلك.

أما على المديين المتوسط والطويل، أوصى المجلس بإنشاء ممر صناعي يعبر الشريط المتوسط الممتد على المحور اللوجستيكي من طنجة المتوسط إلى الناظور غرب المتوسط، نظرا لأهمية تأهيل البنيات التحتية في التنمية إضافة إلى دور توفير نظام ضريبي وعقاري مناسب في استقطاب الاستثمارات.

ولإنجاح هذه العملية، فقد شدد التقرير على ضرورة، اتخاذ كل التدابير التحفيزية في إطار سياسة إرادية لفائدة منافذ قطاعية قادرة على امتصاص الشباب الحاصل على الشهادات في المناطق المستهدفة خاصة في الميادين المتعلقة بالمجال الرقمي المتقدم، ناهيك عن إضفاء توجه سياحي متجدد ومستدام ومترابط على المناطق الواقعة على طول الساحل الشمالي للمملكة.

وركز المجلس في مقترحاته المتعلقة بالمدى الطويل، على إنشاء “قرى تجارية كبرى” منظمة تتوفر على فضاءات خاصة بالمطاعم والمقاهي والترفيه لاستقبال الزوار على مدار السنة، فضل عن تأهيل مجالات أخرى في تطوان والناظور من قبيل التنشيط الملائم للسياحة العائلية والاستثمار في المتنزهات الموضوعاتية الكبرى، والرفع من الأنشطة الشاطئية.

إلى ذلك، أكد التقرير، أن تحقيق التنمية السياحية للمناطق المحاذية لسبتة ومليلية لا يمكن لها أن تنجح بدون توفير عرض للإيواء يكون متجددا ومتنوعا على وجه الخصوص، ومناسبا لجميع الميزانيات لاسيما بالنسبة للطبقة المتوسطة.