لا تدعو أرقام الإصابات والوفايات بفيروس كورونا في المغرب إلى الاقتناع بأن عمل وزارة الصحة للتصدي للجائحة كان ناجحا، فالمغرب يحتل المرتبة الثانية من حيث أعداد الإصابات على صعيد القارة الإفريقية بأكثر من 340 ألف مصاب والثالثة على مستوى أعداد المتوفين الذين وصل عددهم إلى 5619، لكن كل ذلك لم يمنع الوزير الوصي خالد آيت الطالب عن مطاردة أضواء النجومية عبر وسائل الإعلام الدولية متجاهلا دعوات المواطنين المغاربة له للظهور عبر الإعلام الوطني وتفسير ما يجري.
وبات آيت الطالب من منظور العديد من الصحافيين المغاربة، بمن فيهم عاملون في الإعلام العمومي، نموذجا للوزراء القادمين من حقب ماضية لم يكون خلالها المسؤول الحكومي يهتم بالرأي العام المحلي بقدر ما كانت تعنيه صورته في الصحافة الدولية، لذلك لم يستغرب الكثيرون مسارعته إلى إجراء حوار مع وكالة الأنباء الروسية “سبوتنك” التي تعج منذ 13 نونبر الماضي بالأخبار المستندة إلى بيانات جبهة “البوليساريو” الانفصالية التي تزعم “دك المواقع العسكرية المغربية”، لتضطر وكالة المغربي العربي للأنباء الرسمية نفسُها إلى نقل مضامين حواره عن منبر أجنبي أمس الخميس.
لكن آيت الطالب لا يكتفي بلقاءاته مع الوكالات والصحف وإنما يرغب أيضا في نجومية التلفزيون، لذلك أعلن مساء اليوم نفسه عن إجراء لقاء مع قناة “الغد” الموجود مقرها في العاصمة المصرية القاهرة، لكنه في المقابل لا يجد الوقت للرد على مكالمات ومراسلات الصحافيين المغاربة الذين يستفسرون عن تطورات الوضع الصحي في بلادهم في ظل تجاوز حاجز 6000 إصابة جديدة بكورونا في يوم واحد، والوصول إلى 92 حالة وفاة خلال 24 ساعة.
وفي الوقت الذي يستغل فيه آيت الطالب حضوره في الإعلام الأجنبي لتسويق “نجاحات” وزارة الصحة في التعامل مع الجائحة، وأيضا للإعلان عن معطيات جديدة بخصوص التلقيح المنتظر بما في ذلك موعد بدء حملة التطعيم والأعداد والشرائح المستهدفة، فإنه لا زال ممتنعا عن عقد ندوة صحفية يستمع فيها لأسئلة ممثلي وسائل الإعلام المغربية المستندة إلى تساؤلات مقلقة متراكمة لدى الشارع المغربي، بخصوص أسباب الأعداد الكبيرة من الإصابات التي تجاوزت نظيرتها المسجلة في مصر والجزائر وتونس مجتمعة، أو احتمال العودة للحجر الصحي الذي بات كابوسا اجتماعيا ونفسيا يؤرق الناس.
ويبدو الإفصاح عن معلومات تهم المغاربة عبر منابر أجنبية والتكتم عنها داخليا أمرا مثيرا للاستغراب، بل ومنافٍ للمنطق التواصلي المعمول به في جل دول العالم خلال هذه الأزمة، والمعمول به أيضا داخل المغرب عبر بعض المؤسسات وعلى رأسها المؤسسة الملكية، إذ بمجرد مناقشة الملك لتطورات الوباء أو توصله إلى قرارات جديدة يقوم الديوان الملكي ببعث بلاغ بهذا الشأن إلى وسائل الإعلام العمومي، الأمر الذي لا يتعب به آيت الطالب نفسه.