الطريق إلى مليلية. رحلة الموت والتشرد لأطفال مغاربة من أجل الهروب نحو المحتل

25 نوفمبر، 2019 - 22:32 الأخبار الوطنية تابعونا على Lwatan

أنمون / متابعة

مهما ذهب الإنسان إلى بلدٍ آخر غير بلده الأم بغض النظر عن الزواج أو الدراسة، فلن يشعر بالراحة والانتماء لهذا المكان مهما حاول أن يبدي من المشاعر لذلك المكان؛ يحن لتراب الوطن ولا بدّ له أن يعود لذلك الوطن في يوم من الأيام. – بنانا يوشيموتو

طريق الموت، طريق النعيم المفقود


في مدينة الناظور، وعلى بعد 11  كيلومترا من مدينة مليلية المحتلة، يفترش فتيان ومراهقين في عمر الزهور الأرض، ويلتحفون السماء كل ليلة، في انتظار فرصتهم إما للانتقال إلى أوروبا عبر شاحنات النقل الدولي، أو الحافلات الدولية.

في  تقاطع شارعي المسيرة والجيش الملكي بوسط المدينة، يتواجد الفتية المتشردين بكثرة، يبدو الأمر للوهلة الأولى وكأنه يتعلق ببؤرة طعام بما أن المكان مزدحم بالمطاعم، ومزدحم أكثر بالفتية الواقفين على أبواب هاته المطاعم، منتظرين من يجود عليهم بوجبة ساخنة، لكن تواجدهم هناك لاستجداء الزبناء هو مجرد مصادفة، لأن هدفهم الأسمى يقع على مرمى حجر من المطاعم؛ إنها شركة للنقل الدولي للمسافرين.

يقول سمير (14 سنة)، وهو أحد الفتية الذي قدم من مدينة فاس ليجرب حظه في الهجرة :” أنا هنا منذ أزيد من شهر، جئت بعدما نجح صديقي وابن خالي في العبور، أحدهما في مليلية، والثاني في كتالونيا، أريد الوصول إلى أوروبا قبل أن أصل سن 18، الوصول إلى كتالونيا أو منطقة الباسك هو الأفضل، هناك ستدرس ويمنحونك أوراق الإقامة ويحسنون وضعك الاجتماعي بالفعل”.

وعن الطريقة التي يفكر الوصول بها إلى مليلية أو أوروبا يصيف سمير :” نحن نحاول منذ شهر الاختباء في حافلة أو حافلة للنقل الدولي، لدينا عدة نقط نرصدها بشكل يومي، بينها جميع شركان نقل المسافرين دوليا، ثم ننتظر الشاحنات في مدخل المدينة أو عند إشارات المرور، وحالما تتوقف نقفز خلفها للاختباء بداخلها”.

وينفي سمير خوفه من الموت، مؤكدا أن الموت هو بقاءه في المغرب، أما عن والديه فأشار بأن أمه ليس لديها مانع في هجرته، لكن والده غير موافق على الأمر، سيما أنه يبيت في الشارع، ويستجدي زبناء المطاعم والمارة ليحسنوا اليه.

مثل سمير هنا العشرات أو المئات من الأطفال في شوارع المدينة، أعمارهم تتراوح بين ثمان سنوات وثماني عشرة سنة، قدموا من مختلف المدن المغربية نحو الناظور وهم يحلمون بفرصة للعبور إلى أوروبا أو مليلية على الأقل، بعضهم يوفق في ذلك، وبعضهم الآخر يموت في الطريق،. أما الفئة الثالثة فهي تيأس من اللحاق بحلمها بعدما ينخر برد الشوارع أجسادها النحيلة، فتعود إلى أحياءها الهامشية بالمدن المغربية، لتحكي عن بطولاتها في شوارع الناظور، وتغرر بالآذان التي تستمع وتتخيل الفردوس الأوروبي أقرب من حبل الوريد.

أبناء لا أحد، حين تتخلى الأسرة عن ابنها من أجل مستقبله


غير بعيد عن الناظور ب11 كيلومترا، توجد مدينة بني أنصار، مدينة شاطئية اشتهرت بشواطئها الجميلة ووجودها على الحد الفاصل مع ثغر مليلية المحتل؛ وقبل أزيد من مائة سنة كانت مسرحا ل”معركة الذئب” التي قادها المقاومون بقيادة الشريف محمد أمزيان، ضد الاستعمار الأسباني، وكبدوه فيها خسائر فادحة؛ جعلت الأسبان يصابون بالجنون ويرسلون البعثات العسكرية لقطف رأس الشريف محمد أمزيان، الذي نعاه محمد بن عبد الكريم الخطابي على صفحات جريدة “تيليغراما ديل ريف”، التي كانت تصدر بمليلية.

لا أحد الآن على الطرفين يهتم بهذا الأمر، لأن هناك ما هو أكثر قوة من الشريف محمد أمزيان، أو حتى ابن عبد الكريم؛ إنه ما تراه مليلية اليوم عدو لا يمكن مواجهته، “هجوم القاصرين”، او “أبناء لا أحد” كما أسمتهم قناة لا سيكستا الأسبانية في تحقيقها الأخير لبرنامج “سالبادوس” حول القاصرين غير المرافقين الذين يلجون مليلية، هجوم لا يستطيع الأسبان أن يجدوا له حلا لمنعه، كما أنهم يغرقون فيه داخليا.

في بني أنصار وعلى معبر مليلية يتكدس العشرات من القاصرين، وفي الميناء ينتظر المئات فرصتهم، المئات من القاصرين ينتظرون الفرصة، ومن جهة أخرى هناك قاصرون آخرون وجدوا الفرصة واستغلوها، أبناء العاملين في التهريب المعيشي، هؤلاء إختار آباؤهم أن يدخلوهم لمليلية ثم يتركوهم هناك.

سعاد أم لأحد لابنين، وجدت نفسها أمام واقع مر بعدما تركها زوجها قبل سنوات واختفى،  لذلك قررت أن تدخل رفقتهم وتتركهم خلفها هناك وتعود للناظور.

تضيف سعاد ل”كود”: لقد كان قرارا صعبا، لكنه الأفضل، هما الآن في مركز القاصرين، تعلموا الأسبانية، وسيتمكنون من شق طريقهم بأمان، أما معي فأقصى ما كنت أستطيع تقديمه لهم هو الأكل ومكان قذر للنوم”.

مثل سعاد هناك المئات من الأسر قررت التخلي عن أطفالها من أجل أن تقدم لهم مستقبل أفضل، لم يعد هناك من رابط بين الأسر وأبناءها سوى زيارة كل مدة بالقرب من الحدود.

الهروب نحو المحتل


الكل يعرف أن مليلية محتلة، قبل أزيد من خمسمائة سنة احتلها الأسبان، وحاول المغاربة استرجاعها دون جدوى، فأصبح إرثنا أن نحاول استردادها.

اليوم لن يجادلك أحد في كون مليلية محتلة، ولكن لا  أحد لديه الرغبة في استرجاعها،  حتى أولئك القاصرين يعلمون أنها في أيدي الاحتلال لكنهم لا يفكرون في كيفية استردادها، بل يفكرون في كيفية الهروب إليها.

آخر مقاطع الفيديو التي تداولها الأسبان بمليلية، أظهرت مجموعة من الأطفال والفتية وهم يقفزون فوق حافلة للسياح، ما أثار لغطا في أسبانيا.

مثل الأطفال الذين ظهروا في الفيديو، يقضي الصبية المغاربة سحابة يومهم بمعبر مليلية، منتظرين الفرصة المواتية للعبور دون أن يلمحهم الشرطي ويخرجهم من بدن الشاحنة أو الحافلة التي اختبئوا بداخلها.

وإذا أسعفهم الحظ وتمكنوا من العبور فإن ما ينتظرهم داخل مليلية، ليس الجنة كما يعتقدون، لأن ملائكة مليلية استحالوا شياطينا.

لا نريد أطفال المغاربة


بغض النظر عن الأسبان المسيحيين أو اليهود، فإن نسبة كبيرة ممن يعتبرون أنفسهم الأسبان المسلمين وهم مغاربة لسانهم أمازيغي قح، نسبة كبيرة من هؤلاء صارت تتبرم من المهاجرين، وخصوصا القاصرين.

حكيم وهو أحد مسلمي مليلية الذي التقته “كود”، أكد أن لا أحد في مليلية يريد أطفال المغرب، مؤكدا أنهم من ناحية يشكلون عبئا كبيرا على المدينة، ومن ناحية أخرى فإن غالبية هؤلاء الأطفال يكونون وراء إعتداءات تطال الأسبان وتستهدف سلبهم أموال.

وزاد حكيم أنا أملك حانة في مليلية، يقصدها الأسبان، ومنذ مدة صار عملي متضررا بسبب القاصرين المغاربة، إنهم يقفون أمام باب الحانة ويزعجون الزبناء، ويرفضون الذهاب، ومشكلتنا أننا لسنا في المغرب لذلك لا نستطيع تعنيفهم ليرحلوا، كما أننا حاولنا مرارا وتكرارا تقديم شكايات للشرطة التي تقف مكتوفة الأيدي  لكون هؤلاء قاصرين ولا يمكنها اعتقالهم، أنتم في المغرب لا تعانون من هكذا مشاكل أما نحن هنا فنعاني منها بسبب أطفال جاؤوا لتغيير مستقبلهم، فجعلوا حاضرنا بائسا.”

محمد هو الآخر يعتبر أن القاصرين مشكلة كبيرة يجب على المغرب أن يحلها، فهو يرى إعتداءات القاصرين على الأسبان غير مقبولة، ويتوجب وضع حد لها، كما أن القاصرين ينفذون عمليات سرقة وجرائم عدة، وهذا يجعل جميع المسلمين في خانة اتهام.

حكيم ومحمد، هما عينة من مسلمي مليلية الذين صاروا يتبرمون من تواجد القاصرين، لكن هذا أمر لا يسري على الجميع فبينما يوجد مسلمون يدافعون عن حقوق المهاجرين، فهناك أسبان يدافعون أيضا عن حقوق المهاجرين والقاصرين.

أسبانيا وخرق المعاهدات الدولية


لا تهتم أسبانيا كثيرا، باحترام المعاهدات الدولية التي توقعها، ومن هذه المعاهدات ما يخص المهاجرين الأجانب والقاصرين غير المرافقين.

جمعية برودين في مليلية التي تعنى بالأطفال المهاجرين وجمعية المحامون الأجانب، وبسبب عدم إحترام أسبانيا للمعاهدات التي وقعتها قدمتا قبل أيام شكوى ضد الدولة إلى مديرية الهجرة في الاتحاد الأوروبي.

الشكوى حسب ما اطلعت “كود”، تتعلق بعدم تمدرس أطفال قاصرين غير مرافقين داخل مليلية، في حين تنص القوانين والمعاهدات التي وقعتها أسبانيا على ضرورة استفادة الأطفال القاصرين غير المرافقين الموجودين فوق التراب الأسباني من جميع الخدمات العمومية، وعلى رأسها الدراسة.

قبول مديرية الهجرة الشكاية التي تشير إلى سماح أسبانيا بالهدر المدرسي لمائة قاصر غير مرافق داخل مليلية، هو إدانة مبدئية لأسبانيا حسب جمعية برودين.

أما السياسية خيما كارولينا أغيلار المنتمية لحزب “أونيداس بوديموس”، فقد أدانت سياسة الدولة الأسبانية ضد المهاجرين، وسيما القاصرين.

أسبانيا : من أطفال في خطر إلى أطفال خطيرين

خلال لقاء ل”كود” في مليليلة ب خيما كارولينا أغيلار، لخصت معاناة الأطفال المغاربة القاصرين، بأن مؤسسات الدولة الأسبانية تحولهم من أطفال في وضعية خطرة إلى أطفال خطيرين.

خيما رفضت ما قاله حكيم ومحمد، حول إجرام الأطفال ووجوب طردهم، وقالت ل “كود”، أن من يتحمل مسؤولية ما يقع هم مؤسسات الدولة، مؤكدة أن هذه المؤسسات تصنع أطفالا خطيرين، حيث تمسك هؤلاء الأطفال قاصرين، وعندما يبلغون سن الرشد تلقي بهم في الشارع دون أن تهيئهم لذلك سلفا، كما أنها لا تخبرهم بأن عليهم بدء إجراءات أوراق الإقامة حتى لا يتم طردهم من الأراضي الأسبانية.

وتضيف خيما :” مؤسسات إيواء القاصرين لديها الكثير من الأموال، وبدل أن تتعاقد مع المربين البيداغوجيين، والممرضين والمراقبين، تفضل التعاقد مع العناصر الأمنية لمراقبة الأطفال.”

وترفض خيما السياسة التي تنهجها أسبانيا راهنا مع الأطفال القاصرين، مؤكدة أن هذه السياسة تمثل عنفا مؤسساتيا ضد القاصرين الأجانب.

مراكز الإيواء : ضرب وعنف أم حنان واهتمام؟

لم تعد مراكز الإيواء كما السابق، قد يكون الأمر بسبب إرتفاع عدد القاصرين الوافدين على مليلية، أو بسبب تبرم الأسبان من هؤلاء القاصرين، لكن الأمر لم يعد كالسابق.

في مليلية يوجد مركزان للإيواء، أولهما هو “غوطا دي ليتشي” أو بالعربية نقطة حليب، والثاني “بوريسيما” أو نظيف جدا.

“كود” التقت في كورنيش مليلية، ثلاثة أطفال قاصرين تتراوح أعمارهم بين الثامنة و12 سنة، أولهم ينحدر من بني ملال، والثاني من خنيفرة، والثالث من فاس.

إثنان من القاصرين نزيلين بمركز قطرة حليب، ويتحدث أحد الطفلين عن المركز قائلا :” هو مركز رائع، يتعاملون معنا بشكل جيد جدا، نتمكن من الدراسة، والأمل ممتاز، كما أنهم يعطوننا عشرة أورو شهريا، وكل ثلاثة أشهر يعطوننا قسيمة لشراء الملابس بقيمة ثلاثين أورو”.

وبحسرة يتحدث الطفل المنحدر من خنيفرة، والذي لم يسعفه الحظ في الدخول لمركز قطرة حليب، يتحدث عن مركز بوريسيما قائلا :” مركزنا مختلف، لا يقدمون لنا طعاما جيدا، نتعرض للضرب أحيانا، كما أنهم لا يعطوننا أية ملابس وعلينا شراؤها بأنفسنا”.

وعن سبب عدم دخوله لمركز قطرة حليب مثل صديقيه يضيف الطفل :” ليس نحن من نختار، لقد دخلت أنا لمليلية بعدما اختبأت في شاحنة، وحالما وصلت لوسط مليلية توجهت للشرطة التي قامت بتوجيهي لمركز بوريسيما، إن الأمر ليس باختياري”، قبل أن ينهي كلامه قاطعه صديقه النزيل بقطرة حليب موجها كلامه لنا :” لا يمكنه النزول في قطرة حليب، إنه مخصص ليتامى الأسبان أو القاصرين الحراكة الذي يلجون مليلية مع شقيقاتهم، أنا دخلت مع شقيقتي ومركز بوريسيما مخصص فقط للذكور، وبما أنهم لا يستطيعون فصلي عن شقيقتي فقد وضعوني معها في نفس المركز، أما هو فقد ولج مليلية لوحده، لذلك وجهوه لبوريسيما”.

آباؤنا في الناظور ونلتقيهم في الحدود

هناك الكثير من القاصرين المتواجدين في مليلية قدموا من مدن مغربية مختلفة، وفي الوقت نفسه، يوجد الكثير من القاصرين ممن يقطن أهلهم بالناظور، وهذا ينطبق على القاصرين الثلاثة الذين أكدوا أن أباءهم يقطنون بالناظور ويشتغلون في التهريب المعيشي، مشيرين إلى أنهم يلتقونهم بشكل دوري بالقرب من الحدود، وأن دخولهم لمليلية ونزولهم بمراكز الإيواء كان بمباركة أهاليهم.

العيش في الشارع أفضل

في مركز بوريسيما الذي تصل طاقته الاستيعابية ل300 طفل يوجد حاليا أزيد من خمسمائة قاصر، وهذا ينطبق على جميع مراكز الإيواء، سواء في مليلية، سبتة، أو حتى المدن الأسبانية، الإكتظاظ سيد الموقف، والكثير من الأطفال يختارون العيش في الشارع على البقاء داخل مراكز الإيواء.

بالقرب من ميناء المدينة المحتلة، يمكنك العثور بسهولة على عشرات القاصرين المغاربة، غالبيتهم يرفضون العيش في مراكز الإيواء، يفضلون البقاء في المباني المهجورة، واستجداء الأسبان أو حتى سرقتهم لضمان قوت اليوم، بدل العيش في المراكز.

سفيان فتى مراهق يؤكد أنه لا يزال قاصرا رغم بنيته التي توحي أنه تجاوز سن الرشد، يؤكد أن الشرطة وضعته في مركز بوريسيما لكنه هرب، وأعادوه مرة أخرى وهرب، مشيرا أنهم حتى لو أعادوه مليون مرة سيظل يهرب في كل مرة، وحول سبب عدم بقاءه في مراكز الإيواء، يضيف سفيان :” حين قررت الهجرة لم يكن هدفي مليلية، إنها مجرد محطة أخرى مثل الناظور، أنا أود الانتقال إلى كتالونيا أو منطقة الباسك، هناك يعامل القاصرون بطرق أفضل بكثير، وحين يبلغون سن الرشد يحصلون على أوراق الإقامة؛ هنا في مليلية سأطرد للمغرب ساعة وصولي لسن ال18 سنة، وكأني لم أفعل شيئا “.

ويزيد سفيان وهو يشير إلى الميناء :” الوصول إلى أسبانيا يتم عبر هذا المكان، حالما أتمكن من الصعود لظهر السفينة وأصل لأسبانيا، لن يتمكن أحد من منعي من الوصول لكتالونيا، لذلك علي البقاء طيلة اليوم بالقرب من الميناء لتحين الفرصة، والعيش في مراكز الإيواء يجعل فرصك شبه منعدمة “.

أصدقاء سفيان وافقوه الرأي، مؤكدين أنهم يفضلون البقاء في الشارع على النوم على أسرة مراكز الإيواء، خصوصا أن معظمهم يشارف على الوصول لسن ال18، وفرصه تتضاءل يوما بعد آخر.

عنصرية أسبانية أو تبرم من القاصرين؟

في مليلية المحتلة، هناك شعور عام برفض القاصرين المغاربة، هذا الشعور لدى غالبية المواطنين الأسبان تزكيه الحكومة المحلية بتبرمها الدائم من تواجد هؤلاء القاصرين فوق أراضيها، ومطالبتها الحكومة المركزية بإيجاد حل لترحيل هؤلاء الأطفال باتفاق مع المغرب، وذلك بدلا من ضغطها على الحكومة المركزية لترحيل الأطفال صوب أسبانيا.

ولا تجد حكومة مليلية حرجا في خرق المعاهدات الدولية التي وقعتها أسبانيا، مادام الأمر سيريحها كما تدعي من الاكتظاظ التي تعاني منه مراكز استقبال القاصرين، ومع تطبيع الحكومة مع مسألة طرد القاصرين، أصبح الأسبان يسيرون على نفس النهج ويتعاملون بعنصرية مع الأطفال.

حادثة منع ثلاثة أطفال قاصرين من ولوج مطعم ماكدونالدز رفقة مربيتهم، ورفض تقديم الطعام لهم، ليست أول حادثة عنصرية يتعرض لها الأطفال المغاربة، حيث يقول أحد الأطفال الثلاثة الذي التقته “كود” في كورنيش المدينة، أن ما وقع له في ماكدونالدز يحدث له في عدة أماكن، ويتم التعامل معه كمرض في أي مكان، ويقول بعفوية طفل في الثامنة :” أه أنا لي جراو عليا مع صحابي، هادشي كيوقع لينا فبزاف دالبلايص هنا”.

لا تساهم العنصرية في تفكير هؤلاء الأطفال في العودة إلى المغرب، لأن أمر العودة محسوم بالنسبة لهم، وهو من سابع المستحيلات، لكن ما تفعله العنصرية هو أنها تزرع حقدا في نفوس هؤلاء الأطفال يكبر معهم ويتزايد، وقد يتحول بعد عشر أو عشرين سنة إلى قنبلة موقوتة تنفجر في وجه من زرعوها في البداية، أو كما قيل لنا في البداية، أسبانيا تحول هؤلاء من أطفال في وضعية خطرة، إلى أطفال خطيرين.

تحقيق للزميلة كود / يونس أفطيط