متابعة
مع شروع الدول في إعادة فتح حدودها بعد شهور من الإغلاق بسبب جائحة فيروس كورونا، لا حديث في أوساط المغاربة الراغبين في التقدم بطلبات الحصول على تأشيرة “شنغن”، عن طريق المراكز التي تتعامل معها قنصليات عدد من الدول الأوروبية، إلا عن “الإتاوة” التي يتعيّن تقديمها لـ”السماسرة” من أجل الحصول على موعد تقديم ملف “الفيزا”.
وتحفل مجموعات التواصل الخاصة بالأسفار بشكاوى المغاربة من استفحال الظاهرة، حيث يجد الباحثون عن موعدٍ لتقديم ملف الحصول على التأشيرة عبر الموقع الإلكتروني المخصص لهذا الغرض كل المواعيد محجوزة؛ ما يضطرهم إلى الاستعانة بخدمات الوسطاء، مقابل إتاوة تبدأ من 200 درهم وتصل إلى 1000 درهم أو أكثر، حسب العرض والطلب.
المعطيات، التي حصلت عليها هسبريس من مواطنين مغاربة سبق لهم أن تعرضوا لما وصفوه بـ”الابتزاز”، تفيد بأن الاستعانة بـ”السمسار” تذلل كل العقبات التي تواجه الباحثين عن موعد لتقديم ملفاتهم؛ ذلك أن السماسرة بقدرتهم إيجاد الموعد بحسب التاريخ الذي يحتاجه الزبون.
وقال أنس، شاب مغربي، في حديث لهسبريس: “حين تدخل إلى المواقع الإلكترونية لمراكز دفع ملفات طلب التأشيرة، تجد المواعيد غير متوفرة، ولكن بمجرد أن تتصل بسمسار يجيبك بأن الموعد الذي تبحث عنه متوفر، وفي أي وقت تريد”، ذاهبا إلى القول إن الأمر أشبه بـ”مافيا”.
وللتأكد من وجود “سماسرة مواعيد تأشيرة شنغن”، اتصلت هسبريس بوسيط يتدبّر المواعيد لزبنائه في إحدى مدن شمال المملكة، بداعي الرغبة في الحصول على موعد لدفع ملف تأشيرة إسبانيا، فرحّب بـ”التعاون عندما يتم وضع مواعيد جديدة”.
وتثير قدرة السماسرة على حجز مواعيد دفع ملفات طلبات “فيزا شنغن” أكثر من علامة استفهام، فعلاوة على أنهم يتمكنون من حجز المواعيد التي تظهر غير متوفرة على المواقع الإلكترونية المخصصة لهذا الغرض، فإنهم أيضا يحجزون عشرات المواعيد بالبريد الإلكتروني الواحد نفسه؛ وهو ما يثير التساؤل حول عدم انتباه القائمين على مراكز التأشيرات لهذا الأمر.
عزيز، مواطن مغربي قضّى أكثر من ثلاثة أسابيع للعثور على موعد لتقديم ملف الحصول على التأشيرة إلى إحدى الدول الأوروبية، بمعيّة أفراد أسرته، ذهب إلى وصف الطريقة التي أصبح المغاربة مُلزمين باتباعها للحصول على المواعيد بـ”المُهينة”.
“مراكز الفيزا تضع المواعيد على موقعها الإلكتروني، ولا تمضي سوى بضع دقائق حتى يتم حجز المواعيد عن آخرها من طرف الوسطاء المتخصصين في هذه العملية، ويقومون بعد ذلك ببيعها للمغاربة مقابل مبالغ مالية تتفاوت حسب العرض والطلب”، يقول عزيز في تصريح لهسبريس، مضيفا: “نشعر وكأننا محاصرون”.
وتابع المتحدث ذاته قائلا: “الطريقة التي يتم بها حجز المواعيد مهينة. لا يمكن أن تظل تحرس الموقع الإلكتروني في انتظار ظهور مواعيد متاحة، كأنك ستدخل بالفيزا إلى الجنة، وفي النهاية يحجزها الوسطاء ويعيدون بيعها”.
وإذا كان هذا المواطن المغربي تمكن من حجز موعد تقديم طلب الفيزا له ولأفراد أسرته بنفسه دون حاجة إلى “الوسطاء”، فإنه يواجه مشكلا آخر يتمثل في أن الموعد الذي أخذه قبل شهور أُلغي، بسبب جائحة فيروس كورونا، على الرغم من أنه دفع مبلغ ألف درهم للمركز الذي حجز عبره الموعد، وإلى حد الآن ما زال ينتظر استرداد المبلغ الذي دفعه، بعد أن ضاع الموعد بسبب الجائحة.
ودفع مشكل صعوبة حجز المواعيد بمراكز تقديم طلبات التأشيرة بالمغرب إلى دعوة عدد من المتضررين إلى القيام بحملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، من أجل تنبيه مسؤولي القنصليات الأوروبية التي تتعامل مع هذه المراكز إلى الأمر.