متابعة
يترقّب الآلاف من المغاربة والإسبان ما قد يُترجم إليه استئناف “التطبيع الكامل” للعلاقات المغربية الإسبانية، خاصة في ما يتعلّق بإمكانية فتح المعابر الحدودية في مدينتي سبتة ومليلية المحتلتين، وعودة “التهريب المعيشي” وإن بشكل محدود.
ويأتي هذا في وقت تتحدّث وسائل إعلام إسبانية عن إمكانية طرح وزير خارجية إسبانيا، خوسيه مانويل ألباريس، موضوع فتح الحدود البرية المذكورة للنقاش على طاولة المحادثات التي ستجمعه بنظيره، ناصر بوريطة، خلال زيارته المرتقبة إلى الرباط ابتداء من فاتح أبريل المقبل.
وأوردت المصادر ذاتها حديث ألباريس عن أن فتح معابر سبتة ومليلية المحتلتين “يتطلّب اتفاقًا بين البلدين”.
وتنشيط المعابر الحدودية مع المغرب هو أيضا مطلب عبّر عنه حاكم سبتة المحتلة في تصريحات صحافية، آملا أن تسهم زيارة ألباريس إلى الرباط في إعادة فتحها في ظروف أفضل تضمن عبور الأشخاص والبضائع بشكل منظم.
وقررت السلطات الإسبانية، أمس الثلاثاء، تمديد إغلاق حدود المدينتين المحتلتين إلى 30 من أبريل المقبل، بسبب أزمة “كوفيد-19” الصحية. وجاء ذلك مباشرة بعد إعلان الحكومة المغربية تمديد حالة الطوارئ الصحية إلى غاية التاريخ ذاته.
ورغم أن فتح المعابر الحدودية مرتبط بعودة “التهريب المعيشي” انطلاقا من المدينتين المحتلتين، وهو الأمل الذي مازال آلاف المغاربة في شرق أو شمال المملكة والتجار الإسبان داخل الثغرين يحتفظون به، إلا أن أغلب المؤشرات لا تشير إلى إمكانية “تنازل” السلطات المغربية عن قرارها السابق في هذا الشأن.
وبداية من سنة 2018، بدأ تضييق الجانب المغربي الخناق على مهربي السلع من المدينتين، بشكل تدريجي، وهو ما أكده بشكل رسمي المدير العام لإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة نبيل لخضر، في فبراير سنة 2019 بالبرلمان، مبرزا أن المنع النهائي للتهريب انطلاقا من الثغرين سيكون بين حوالي 5 إلى 10 سنوات، قبل أن يعجّل وباء كورونا بهذا الأمر في أقل من سنتين.
خالد شيات، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الأول وجدة، يرى أن “ظاهرة التهريب المعيشي لا يمكن أن تعود، لاعتبارات كثيرة أهمها أن المغرب لن يغيّر موقفه من واقع احتلال المدينتين من طرف إسبانيا، وهو موقف حكومي رسمي وشعبي”، وفق تعبيره.
وأضاف شيات، أن “ما يعزّز استبعاد سماح المغرب بعودة هذه النشاطات في المعابر البرية هو وضعه إستراتيجيات اقتصادية بديلة في المناطق المحاذية لها، سواء في محيط مليلية أو منطقة مارتشيكا، مع إحداث أنشطة تجارية في منطقة المضيق”.
وظل التهريب المعيشي، وفق نبيل لخضر، يكبّد خزينة الدولة خسارة تقدر بـ 300 مليار سنتيم سنويا، دون احتساب معبر مليلية. هذا الأمر، بالنسبة لشيات، هو ما يوضّح التوجّه المغربي نحو إلغاء التبعية لهاتين المدينتين اقتصادياً بشكل كلّي.
وأبرز شيات أن “هذا التوجّه يروم كذلك الحفاظ على الصحة العامة، على اعتبار أن عددا من المواد التي كان يتم تهريبها من هذين الثغرين منتهية الصلاحية وغير ذات جودة عالية”.
ويرى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة وجدة أن هذا المنع يحافظ أيضا على صورة المغرب، لافتاً إلى ما وصفها بـ”التصرفات المهينة التي رافقت هذه الأنشطة من طرف العناصر الأمنية المكلّفة بحراسة هذه المعابر، خاصة في حق حمالات البضائع المغربيات”.
وخصّص بيدرو سانشيز، رئيس الحكومة الإسبانية، زيارة إلى المدينتين المحتلتين، مباشرة بعد إعلان موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية، بغرض شرح الموقف للنواب الإسبان.
ومن المرتقب أن يخصّص سانشيز زيارة إلى المغرب، حسب ما عبّر عنه في رسالته الأخيرة للملك محمد السادس، التي جاء فيها: “إنني أتطلع إلى فرصة عقد اجتماع مع جلالة الملك في أقرب وقت ممكن لتجديد وتعميق العلاقة المتميزة بين البلدين”.
وأُغلق المغرب الحدود البرّية مع سبتة ومليلية منذ الثالث عشر من مارس 2020، مباشرة بعد رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا في البلاد، وظلت على حالها إلى اليوم.