في ظل موجة الجدل الواسعة التي تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي حول حضور وليد الركراكي، مدرب المنتخب المغربي الأول، إلى باريس وسط تكهنات بأن حضوره كان لأغراض تقنية تتعلق بالمنتخب الأولمبي، تثار العديد من التساؤلات حول مدى قبول هذا التدخل المهني والأخلاقي. فهل يمكن أن يكون الركراكي قد تجاوز حدوده؟ وهل تدخلاته قد اثرت على استقرار الفريق وتماسكه؟
إذا تأكدت الأخبار المتداولة بأن “راس لافوكا” قام بإعطاء توجيهات تقنية للاعبين قبل أو أثناء أو بعد المباريات، فإن ذلك يعد تجاوزًا خطيرًا لا يمكن التغاضي عنه، فالمسؤولية التقنية والفنية تقع على عاتق المدرب الرسمي للفريق، وهو في هذه الحالة طارق السكتيوي، وأي تدخل خارجي في هذا السياق، حتى وإن كان من شخصية بحجم الركراكي، يعتبر تعديًا على صلاحيات المدرب الرئيسي ويخلق حالة من الفوضى والارتباك بين اللاعبين.
كما أن الصورة المتداولة للركراكي وهو يعطي تعليمات للاعبين في الرواق المؤدي إلى مستودع الملابس تثير تساؤلات جادة، حيث إذا كانت هذه الصورة حقيقية، فإن ذلك يستدعي توضيحًا فوريًا من الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم أو من الركراكي نفسه، وأيضًا من السكتيوي، فعدم وضوح الموقف يفتح الباب أمام التأويلات والشائعات التي قد تضر بسمعة المنتخب وتؤثر سلبًا على أدائه.
وحتى ولو أن الركراكي هو قائد إنجاز الوصول إلى المرتبة الرابعة في كأس العالم في انجاز افريقي وعربي غير مسبوق، فإن ذلك لا يمنحه حق التدخل في شؤون المنتخب الأولمبي الذي يشرف عليه مدرب آخر.
فالأدوار يجب أن تكون واضحة ومحددة لضمان الانسجام والتنسيق الجيد داخل الفريق، كما أن وجود الركراكي في الحصص التدريبية يجب أن يكون في إطار الدعم المعنوي وليس للتدخل التقني.
أما إذا كان الركراكي يعرف معظم لاعبي المنتخب الأولمبي أو قد استدعى بعضهم للمنتخب الأول، فإن ذلك لا يعطيه الحق في التدخل في شؤون منتخب يقوده مدرب آخر… فكل منتخب له جهازه الفني والإداري الخاص به، وأي تدخل خارجي يجب أن يكون بعلم وموافقة المدرب المسؤول.
وحتى لو كانت الجامعة ترغب في توحيد الرؤية بين المنتخبين الأول والأولمبي، فإن ذلك يجب أن يتم بشكل واضح ومنظم، وحضور الركراكي في مستودع الملابس والاحتكاك مع اللاعبين يجب أن يكون له مبرر واضح ومقبول من جميع الأطراف المعنية.
هناك فرضيتان يمكن أن تبررا هذا الجدل. الأولى، أن يكون الأمر قد تم باتفاق مسبق بين الجامعة والركراكي والسكتيوي، بهدف توحيد الرؤية والاستفادة من خبرة الركراكي، وهذه الفرضية تدعمها حقيقة أن الركراكي لا يمكنه دخول مستودع الملابس دون تصريح رسمي، مما يشير إلى موافقة الجامعة على هذا الترتيب.
اما الفرضية الثانية، فهي أن الركراكي لم يتحدث بتاتًا في الجوانب التقنية مع اللاعبين، احترامًا لأصول المهنة والتزامًا بدوره كمشرف عام، وإذا كان هذا هو الواقع، فإن الحديث عن تدخلاته يكون مجرد تكهنات لا أساس لها.
لكن من وجهة نظري، لا يمكن لأي فريق أن يعمل بشكل فعال إذا كان هناك مدربان يتشاركان القيادة، حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تضارب في التوجيهات وإرباك اللاعبين.
وإذا افترضنا جدلاً أن المغرب نجح في تجاوز المنتخب الاسباني وبلغ النهائي أو فاز بالميدالية الذهبية، هل كانت هذه النقطة ستثار؟ ربما كانت مواقع التواصل الاجتماعي ستحتفل بهذا التناغم وتعتبره أحد أسرار النجاح. ولكن في نهاية المطاف، الشفافية من الجامعة والمدربين المعنيين هو ما يضمن استقرار الفريق وثقة الجمهور.