متابعة
في سابقة تاريخية، أيدت محكمة النقض الفرنسية، وهي أعلى سلطة قضائية في البلاد، الحكم الصادر ضد الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي بتهم الفساد واستغلال النفوذ.
وبهذا القرار الصادر يوم الأربعاء، 18 دجنبر 2024، أصبح الحكم نهائيًا وغير قابل للاستئناف، مما يضع ساركوزي أمام خيارين: السجن لمدة عام، أو الإقامة الجبرية مع ارتداء سوار إلكتروني للمراقبة.
تعود جذور هذه القضية إلى عام 2014، عندما كشفت تحقيقات عن محادثات هاتفية مسجلة بين ساركوزي ومحاميه تييري هيرتزوغ، حيث تبين أنهما حاولا الحصول على معلومات سرية من القاضي جيلبير أزيبيرت بشأن تحقيق منفصل يتعلق بتمويل غير قانوني لحملة ساركوزي الانتخابية عام 2007، وفي المقابل، وعد ساركوزي بمساعدة أزيبيرت في الحصول على منصب مرموق في موناكو. هذا التبادل اعتبرته المحكمة “اتفاقية فساد” بين الأطراف الثلاثة.
وفي عام 2021، أصدرت محكمة الجنايات في باريس حكمًا بالسجن لمدة ثلاث سنوات على ساركوزي، مع تعليق تنفيذ عامين، وبذلك، كان من المقرر أن يقضي عامًا واحدًا إما في السجن أو تحت الإقامة الجبرية مع ارتداء سوار إلكتروني، وكان ساركوزي استأنف هذا الحكم، لكن محكمة الاستئناف ومحكمة النقض أيدتا الحكم الأصلي، مما جعله نهائيًا.
وبعد صدور الحكم النهائي، أعلن محامي ساركوزي نية موكله الطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، معتبرًا أن حقوق الدفاع لم تُحترم بشكل كافٍ خلال المحاكمة. من جانبه، التزم ساركوزي الصمت، ولم يصدر أي تصريح رسمي بشأن الحكم.
يُعد هذا الحكم سابقة في التاريخ الفرنسي، حيث لم يسبق أن أُدين رئيس سابق بتهم الفساد واستغلال النفوذ وحُكم عليه بالسجن مع المراقبة الإلكترونية، وهذا القرار يضع ساركوزي في موقف حرج، خاصة مع اقتراب محاكمات أخرى تتعلق بتمويل حملته الانتخابية عام 2007، والتي يُشتبه في تلقيها أموالاً من الزعيم الليبي الراحل معمر القذافي.
الخياران المتاحان أمام ساركوزي:
- السجن الفعلي: يمكن لساركوزي قضاء العقوبة في السجن لمدة عام. ومع ذلك، وبالنظر إلى سنه (69 عامًا) ومكانته السابقة، قد يكون هذا الخيار مستبعدًا.
- الإقامة الجبرية مع سوار إلكتروني: يتيح له هذا الخيار البقاء في منزله تحت المراقبة الإلكترونية، مما يحد من حركته ويضمن تنفيذ العقوبة دون الحاجة إلى السجن الفعلي. هذا الخيار يُعتبر أكثر احتمالاً، خاصة أنه يتماشى مع الأحكام الصادرة في مثل هذه القضايا.
هذا، ويُعد تأييد الحكم ضد نيكولا ساركوزي بتهم الفساد واستغلال النفوذ حدثًا تاريخيًا في فرنسا، ويُبرز التزام النظام القضائي الفرنسي بمحاسبة الشخصيات العامة بغض النظر عن مناصبهم السابقة، ومع ذلك، فإن تداعيات هذا الحكم على المشهد السياسي الفرنسي لا تزال غير واضحة، خاصة مع نية ساركوزي الطعن أمام المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.