بقلم ياسين الحسناوي
في خضمّ عاصفةٍ من الوعود السياسية والشعارات الرنانة، يبرز لنا مشهد مألوف بطلّه هذه المرة البرلماني محمادي توحتوح، الذي تتداول الأخبار نجاحه في إقناع رئيس الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فوزي لقجع، بتشييد مركب رياضي في إقليم الناظور.
وبدلاً من أن تنبعث فرحة حقيقة في نفوس الأهالي، يجد الشباب أنفسهم أمام تكرار نفس الحلم الذي كان قد وعد به السياسيون مراراً، هذا الحلم الذي بدا وكأنه شبحٌ يتجدّد بوجوهٍ وأسماء جديدة، مع كل انتخابات جديدة وكل عهدٍ جديد.
وكما العادة، لم تتأخر “الكائنات الفايسبوكية” عن أداء دورها، حيث انطلقت التهليلات والتعليقات، بعضها مهلل وآخر متملق، لتصنع من هذا الوعد صورة لبطلٍ مغوار يزعم أنه جاء لإنقاذ شباب الناظور، لكن هل تكرار هذا المشهد سيحيي آمال الشباب مرة أخرى؟ أم هو مجرّد عرض مسرحي في سلسلة متكررة من وعود تُزرع بين المراهقين، لتذبل وتُطوى بعد انتهاء الاحتفالات الانتخابية؟
إنَّ تشييد المركب الرياضي في الناظور ليس جديداً، فكم من مرة قد طُرِحت هذه الفكرة على طاولة النقاش، وكم من مرة صُدّقت عليه ميزانيات ضخمة، منها 18 مليار سنتيم، ولكن ظل الحلم حبيس الأروقة، ولم يرَ النور، ولم يُنزل على أرض الواقع، ليبدو أن هذا المشروع ليس إلا وسيلة لإرضاء أصواتٍ تطالب بالتغيير، وإخراس أصوات النقد المتزايد من الشباب الذين لم يجدوا في الناظور متنفَّساً لأحلامهم سوى الوعود.
وفي زمن تزيين الوعود وتضخيم الألقاب، تُصنَع الأبطال من السراب، ويُلمَّع الساسة بأطياف الأحلام، هم يلتحفون آمال البسطاء ويتسلّقون طموحات الشباب، ولكن في نهاية المسرحية، لا يبقى على الخشبة سوى الحلم المستنزف، والمواطن الذي اعتاد على خيبات الأمل المتتالية.
رسالتي إلى شباب الناظور وغيرهم، أن تفيقوا من سبات الوعود الوردية، وأن تستوعبوا أن العمل الحقيقي لا يُعلن عنه بالتصفيق ولا يحتاج إلى حملة تطبيل، فالعمل الملموس هو ما يشهد له الواقع ويُدونه التاريخ، دون ضجيج ولا استعراض.