يسرا طارق: فخورة بتتويجي في مهرجان القدس.. ووقع الجائحة على الفنان أشد وأخطر

14 ديسمبر، 2020 - 16:56 ثقافة وفنون تابعونا على Lwatan

جمعت بين التمثيل والصحافة والكتابة، يسرا طارق وجه نسائي مغربي مشع في الواجهات الثلاث، تألقت في آخر أفلامها “دقات القدر” للمخرج محمد اليونسي، ونالت بفضله، قبل أيام، جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القدس الدولي.

“اليوم 24″، حاور يسرا طارق على هامش تتويجها، وعبرت عن فخرها بانجازها وبنجاح الفيلم ككل، كما حدثنا عن روايتها” الواهمة”، التي أصدرتها قبيل الجائحة، موضحة في كلامها أثر الجائحة على القطاع الفني وعليها بصفة شخصية.

– بداية الفنانة يسرا طارق.. حصلت على جائزة أفضل ممثلة في مهرجان القدس، ماذا يعني لك ذلك؟

حصولي على جائزة أفضل ممثلة في مسابقة رسمية لمهرجان دولي وازن كمهرجان القدس السينمائي يعني لي الكثير، وتلقيت خبر تتويجي بهذه الجائزة بفخر واعتزاز كبيرين، وأعتبر الفوز بها بمثابة تتويج لجهود بذلتها، وكسبا لرهان منافسة قوية أمام ممثلين كبار من مختلف الدول المشاركة.
وما ضاعف إحساسي بالفخر، والفرح هو تتويجي إلى جانب اسم كبير في الدراما، والمسرح، والسينما العربية، الممثل السوري القدير أيمن زيدان، الذي حصل على جائزة الزيتونة الذهبية لأحسن أداء رجالي عن دوره في فيلم “الرحلة غير المكتملة ” للمخرج السوري جود سعيد” .
إنه حقا لشرف لي أن أحصل على مثل هذه الجائزة خارج حدود الوطن، وبالضبط في القدس، تتويج شرفت به بلدي المغرب، إلى جانب الجوائز الأخرى، التي حصدها هذا الفيلم.

–فيلم دقات القدر هو لزوجك المخرج محمد اليونسي وسبق أن حصد جوائز أخرى، قربي الجمهور منها

يعتبر فيلم”دقات القدر” لمخرجه، وكاتبه محمد اليونسي، والمقتبس من روايته “السمفونية الخامسة”، من أهم الأفلام السينمائية المغربية، التي أماطت اللثام عن مرحلة مهمة من التاريخ المشترك، الذي يجمع بين المغرب، وإسبانيا، فهو يطرح إشكالية تاريخية عميقة تخص الحرب الإسبانية على منطقة الريف شمال المغرب، خلال العشرينيات من القرن الماضي، وضرب سكان المنطقة بما يعرف بالغازات السامة. والفيلم أراد أن يبعث هذه القضية من جديد أمام الضمير الإنساني عن طريق الأسئلة، فهو يطرح تساؤلات ولا يقدم أجوبة جاهزة، فإثارة موضوع حرب الغازات في هذا العمل السينمائي كان الهدف من ورائه توثيق حدث تاريخي سنيمائيّاً بالصورة، لا بالحرف، وبالتالي تقريب محطة تاريخية مهمة من التاريخ الحديث لبلادنا إلى الأجيال الصاعدة، وقد نال الفيلم إعجاب لجنة تحكيم مهرجان القدس السينمائي الدولي، ليحصد المخرج محمد اليونسي ثلاث جوائز مهمة عن فيلمه “دقات القدر”، خلال مشاركته في المسابقة الرسمية لهذا المهرجان؛ الجائزة الأولى كانت للجنة التحكيم الخاصة، والثانية عن التصوير، والثالثة هي جائزة غصن الزيتون الذهبي لأفضل ممثلة عن دوري في الفيلم نفسه.

حدثينا عن دورك في الفيلم

في فيلم “دقات القدر” أجسد دور “تودا”، وهي امرأة مغربية من منطقة الريف، تقاوم سلطة العادات والتقاليد، وسلطة العقلية الذكورية، التي فرضها عليها المجتمع، وفي الوقت نفسه تقاوم مرض زوجها، المقاوم، الذي شارك في حروب الريف، بين عامي 1920 و1926، وفي هذه المرحلة كما أشرت، سابقا، قصفت إسبانيا منطقة الريف شمال المغرب، بما يعرف تاريخيا بالغازات السامة.

والفيلم يعكس هذه المرحلة التاريخية المهمة عن طريق رؤية المرأة للتاريخ بأبعادها الكونية، والحداثية، و”تودا” شخصية ذات أبعاد نفسية، وجسدية صعبة لا يمكن أن يعرض على الممثل مثلها دائما، تتطلب تركيزا، ومجهودا كبيرين، واكتساب الممثل لأليات تحليل النفسيات من أجل الخروج بنتيجة تروق المشاهد.

حلقت شعر كليا نظرا إلى متطلبات الدور.. وهي خطوة جريئة.. ما هي كواليس موافقتك عليها، خصوصا أن زوجك هو المخرج؟

صدقني ليس لموافقتي على حلق شعري، من أجل تأدية دوري في فيلم “دقات القدر” أية علاقة بما يربطني بالأستاذ محمد اليونسي، إذ كنت سأوافق على هذه الخطوة بالحماسة نفسها لو كانت هذه الشخصية عرضت علي من مخرج آخر، لأن ما يهمني هو أن تكون الشخصية مكتوبة بشكل جيد، وأن يكون المخرج، الذي أتعامل معه صاحب رؤية إخراجية عميقة تستند على مراجع فكرية، وثقافية مهمة، كما أن حلق شعري كاملاً، من أجل تأدية دوري في فيلم “دقات القدر” كان اختياراً فكريا، وجماليا لم أهدف من ورائه إلى خلق إثارة مجانية، أو ضجة من لا شيء، ولم تراودني أبداً فكرة حلق شعري من أجل عمل ما، إلاّ عندما قرأت سيناريو الفيلم، إذ وجدت أن الشخصية، التي سأشخصها فيه فريدة من نوعها، وإذا ما اقترح عليّ مرة أخرى دور يتطلب الخطوة نفسها، فسأخوضها من دون تردد إذا كانت الشخصية مكتوبة بشكل جيد، وتستحق المغامرة، ولا أنكر أنني وجدت صعوبة في العودة إلى حياتي الطبيعية حليقة الرأس، وذلك بعد الانتهاء من التصوير، إلاّ أن الأداء الصادق، والإحترافي، الذي يحترم ذكاء الجمهور يستحق العناء.

يسرا أنت إعلامية، وكاتبة، وممثلة.. كيف تحاولين خلق توازن بين هذه المجالات؟ وما هو المجال الأقرب إلى قلبك؟

أنا امرأة مؤمنة بأن الإبداع لا حدود له، وأن دخول مجالات كالسينما، والإعلام، والأدب يحتاج إلى الموهبة، والتكوين الأكاديمي، الذي ساهم في إثراء ثقافتي، وشخصيتي، وجعل مني إنسانة تقدر قيمة العلم، والمعرفة، فالدراسة بالنسبة إلي بمثابة الذرع، الذي حماني من نفسي بالدرجة الأولى، خصوصا في اللحظات، التي قد يقع فيها المرء منا فريسة سهلة للكسل، والغرور، والوهم. أما الأقرب إلى قلبي دائما فهو التمثيل، لأن المتعة، التي يحققها لي لا يمكن أن أشعر بها في أي مجال آخر، فموقع التصوير بالنسبة إلي فضاء فسيح تتفاوض فيه كل التعبيرات الفنية، فلكي أستطيع كممثلة استحضار شعور إنساني معين، والذي عليّ أن أحتفظ به، وأعيد إنتاجه في كل مرة يطلب فيها المخرج إعادة تصوير المشهد أكثر من مرة، يشعرني بمتعة حقيقية، لا تضاهيها كل متع الحياة.

قبل بداية الجائحة، أصدرت روايتك الواهمة.. حدثينا عنها

تسلط رواية “الواهمة”، الصادرة عن دار العين في مصر الضوء على تاريخ مدينة الناظور، وعلى قضايا اجتماعية، وسياسية، وحقوقية في ظل التحولات، التي عاشها المغرب، والمغاربة إبان انتفاضة يناير 1984، وتدور أحداث الرواية حول شخصية سوار، وهي شابة ريفية، حرمها والدها من إتمام دراستها في الجامعة، بعد حصولها على شهادة الباكالوريا، ومن تحقيق حلمها في أن تصبح طبيبة، لتبقى حبيسة البيت، وكان ملاذها الوحيد هو النافذة الزرقاء، التي كانت تطل منها على العالم الخارجي، إلى أن جاء ذلك اليوم، الذي رأت فيه أحمد، وهو أستاذ شقيقها صالح، فتعلق قلبها به كما تتعلق العلقة بالبويضة، وبدأت الرسائل الغرامية بينهما، و تتطور الأحداث شيئا فشيئا لتستنتج أن هذه الحياة، وهم كبير والحقيقة الوحيدة في هذه الحياة هي الموت.

هل الجائحة أثرت على منح روايتك فرصة لمبيعات أكثر للعمل؟

طبعا الجائحة أثرت على جميع المجالات، ولم تترك أحدا يسلم من بطشها، وقد وجدت صعوبة في التوصل بنسخ من الرواية من مصر إلى المغرب بسب الظروف الاستثنائية، التي فرضها فيروس كرونا، لكن على الرغم من ذلك حققت الرواية مبيعات جيدة بالمعرض الدولي للنشر والكتاب في الدارالبيضاء، كما أن الرواية كانت متوفرة بأهم معارض الكتاب، التي تقام في الدول العربية، آخرها معرض الشارقة الدولي للكتاب، كما حصدت الرواية اهتماما كبيرا من الإعلام، والنقاد.

ماذا عن تأثير الجائحة عليك كممثلة؟

كممثلة، وفنانة تأثرت بالجائحة كجميع الناس، لكن وقعها على الفنان أشد، وأخطر نظرا إلى الجمود الفني، والثقافي، الذي نعيشه، بسبب هذا الفيروس، وربما لم تتضرر أي قطاعات أخرى بشدة منه كما هو الحال بما يرتبط بالثقافة والفنون؛ إذ أغلقت قاعات السينما، والمسارح، وتوقفت الحفلات الموسيقية، وتراكم الغبار على معروضات المتاحف، وكتب المكتبات، ووجد مئات الآلاف من الفنانين، والعاملين في هذه المجالات أنفسهم إما عاطلين عن العمل، أو يترقبون مستقبلهم بقلق. وأصبحت أشعر بأننا في غرفة انتظار كبيرة، نترقب مصيرنا الغامض في ظل ظرف عالمي استثنائي، فرضته علينا الجائحة، و لولا التشبث ببعض الأمل، لفقدت عقلي بسبب هذا الركود الفني، والثقافي، الذي لم تعد لي الطاقة النفسية، والجسدية لتحمله.

قبل نهاية الحوار، نرغب في معرفة خططك في مختلف الميادين، سواء الإعلام، أو التمثيل، أو الكتابة؟

في الإعلام، أحاول مواكبة جميع الأحداث، والمستجدات، التي تقع في العالم حتى أكون في مستوى المهمة، التي كلفت بها في قناة تمازيغت التلفزية، والمرتبطة بتقديم نشرات الأخبار، في الكتابة أوشكت على الانتهاء من كتابة روايتي الثانية، التي سترى النور في المكان، والزمان المناسبين، أما في السينما، فنحن الآن؛ أنا، والأستاذ محمد اليونسي بصدد خوض مغامرة جديدة في عالم السينما، سنسخر لها كل إمكانياتنا النفسية، والجسدية، والمادية لنكون في مستوى تطلعات الجمهور المغربي.